للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدل أصحاب هذا القول بما يأتي:

١ - أن الوقف تمليك للمنافع، فجاز شرط الخيار فيه؛ كالإجارة.

٢ - ولأن الوقف يتعلق به اللزوم، وهو يحتمل الفسخ ببعض الأسباب، واشتراط الخيار إنما هو للفسخ، فيكون بمنزلة البيع في أنه يجوز اشتراط الخيار فيه.

وذكر السرخسي الحنفي، بعد أن ذكر رأي أبي يوسف: أنه يجوز أن يستثني الواقف الغلة لنفسه ما دام حيًا، فكذلك يجوز أن يشترط الخيار لنفسه ثلاثة أيام لتروِّي النظر فيه (١)، وهذا الرأي يوسع في الوقف، وييسر سبله.

القول الثالث: ذهب الفقيه يوسف بن خالد السمتي من الحنفية، وابن سريج والقفال من الشافعية، إلى أن الوقف صحيح، وشرط الخيار باطل، واستدلوا لذلك بأن الوقف إزالة ملك لا إلى مالك، فيكون بمنزلة الإعتاق، واشتراط الخيار في الإعتاق باطل، والعتق صحيح، وكذلك الأمر بالنسبة للمسجد، فإن اشتراط الخيار باطل، واتخاذه المسجد صحيح، فكذا الوقف قياسًا، فإنه صحيح والشرط باطل (٢).

تاسعًا: الصيغة المطلقة عن المصرف:

اختلف الفقهاء في اشتراط تعيين جهة الصرف في صيغة الوقف على قولين:

القول الأول: ذهب المالكية، وبعض الحنابلة، وهو اختيار ابن النجار والمرداوي، والشافعية في قول مال إليه الغزالي واختاره الشيرازي والروياني، وهو قول أبي يوسف وهلال من الحنفية، والزيدية، والإمامية إلى عدم اشتراط بيان جهة الصرف في الصيغة، فإذا صدرت الصيغة خالية من بيان جهة الصرف أو ما يسمى "الوقف المطلق"،


(١) انظر: المبسوط، شمس الأئمة محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي، ١٢/ ٤٢، وأحكام الوقف، هلال بن يحيى بن مسلم الرأي، ٨٤.
(٢) انظر: المبسوط، شمس الأئمة محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي، ١٢/ ٤٢، والإسعاف في أحكام الأوقاف، برهان الدين إبراهيم بن موسى بن أبي بكر الطرابلسي، ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>