للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا: الذمة المالية للوقف:

الذمة في اللغة: العهد والأمان والضمان، وسمي المعاهد ذميًا نسبة إلى الذمة بمعنى العهد (١)، وقال أبو عبيد: الذمة: الأمان في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ويسعى بذمتهم أدناهم".

وفي الاصطلاح: عرّفها القرافي بأنها: معني شرعي مقدر في المكلف قابل للالتزام واللزوم (٢).

وقد اختلفت عبارات الفقهاء في مدى اعتبار الذمة للوقف، فهناك عبارات تفيد عدم اعتبار الذمة للوقف؛ مثلما جاء في رد المحتار للحنفية: "لا تجوز الاستدانة على الوقف؛ أي إن لم يكن بأمر الواقف، وهذا بخلاف الوصي فإن له أن يشتري لليتيم شيئًا بنسيئة بلا ضرورة؛ لأن الدين لا يثبت ابتداء إلا في الذمة، واليتيم له ذمة صحيحة وهو معلوم، فتتصور مطالبته، أما الوقف فلا ذمة له، والفقراء وإن كانت لهم ذمة، لكن لكثرتهم لا تتصور مطالبتهم؛ فلا يثبت إلا على القيم" (٣)، وقال المرداوي الحنبلي: "لا يصح قرض جهة؛ كالمسجد والقنطرة ونحوه مما لا ذمة له" (٤).


(١) انظر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، أحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي، ١/ ٢١٠.
(٢) انظر: الفروق، أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي الشهير بالقرافي، الفرق (١٨٣)، ٣/ ٢٣٠ - ٢٣١.
(٣) رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي المشهور بابن عابدين، ٤/ ٤٣٩، و ٦/ ٥٩٩ و ٦٠٢، وقارن بما جاء في: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن نجيم الحنفي، ٥/ ٢٢٦ - ٢٢٧، والعقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية، ابن عابدين، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي، ١/ ٢٢٢، وحواشي تحفة المحتاج في شرح المنهاج، أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي، عبد الحميد الشرواني، أحمد بن قاسم العبادي، ٥/ ٢٣١.
(٤) الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي الحنبلي، ٥/ ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>