للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومقابل هذه العبارات نجد نصوصًا كثيرة للفقهاء تدل على وجود ذمة للوقف، ونذكر منها: ما قاله الخرشي المالكي: "الموقوف عليه يشترط فيه أن يكون أهلًا للتملك حكمًا كالمسجد، أو حسًا كالآدمي"، ولهذا قال ابن عرفة: "المحبس عليه ما جاز صرف منفعة الحبس له أو فيه" (١)، وقال ابن حجر الهيتمي: "والنذر للمسجد صحيح؛ لأنه حر يملك وحينئذ يصرف لصالحه؛ كالوقف عليه، فلا يعطى خدمته منه شيئًا، إلا إن صرح الناذر بأنه قصدهم" (٢)، وقال الرملي الشافعي: "وتصح (الوصية) لعمارة نحو مسجد ورباط ومدرسة، ولو من كافر، إنشاءً وترميمًا؛ لأنها من أفضل القرب ولمصالحه، لا المسجد سيبني إلا تبعًا، وكذا إن أطلق في الأصح بأن قال: أوصيت به للمسجد، وإن أراد تمليكه لما مر في الوقف أنه حر يملك أي منزل منزلته" (٣)، وقال ابن قدامة الحنبلي: "ولا يصح الوقف على من لا يملك؛ كالعبد القن وأم الولد والمدبر والميت والحمل، والملك والجن والشياطين، قال أحمد في من وقف على مماليكه: لا يصح الوقف حتى يعتقهم" (٤).

فهذه النصوص وما شابهها مبنية على وجود ذمة مالية للوقف؛ لأنها صريحة في أن الجهة العامة تملك، وما التملك والتمليك إلا من آثار الأهلية والذمة المالية.

وجاء ضمن قرارات وفتاوي وتوصيات منتدى قضايا الوقف الفقهية الأول ما يأتي:

١ - ذمة الوقف المالية: أ - لا مانع شرعا من الاعتراف بالشخصية الاعتبارية للوقف التي تتمتع بجميع الحقوق إلا ما كان ملازمًا لصفة الإنسان الطبيعية، فيكون لها ذمة مالية مستقلة عن ذمة الواقف والموقوف عليه، وأهلية مدنية في الحدود التي


(١) شرح مختصر خليل للخرشي وبهامشه حاشية العدوي، أبو عبد الله محمد بن عبد الله الخرشي المالكي، علي العدوي، ٧/ ٨٠.
(٢) الفتاوى الكبرى الفقهية، ابن حجر الهيتمي، ٤/ ٢٨٤ - ٢٨٥.
(٣) نهاية المحتاج، شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة ابن شهاب الدين الرملي الشهير بالشافعي الصغير، ٦/ ٤٧ - ٤٨.
(٤) المغني، موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الجماعيلي الدمشقي الصالحي الحنبلي، ٨/ ٢٣٥ - ٢٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>