للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية عن جملة من الحنابلة: "ونفقة الوقف من غلته، لأن القصد الانتفاع به مع بقاء عينه، وهذا لا يمكن إلا بالإنفاق عليه، فكان إبقاؤه يتضمن الإنفاق عليه، وما يبقى للموقوف عليه" (١)، وقال في موضع آخر: "ويجب عمارة الوقف بحسب البطون" (٢).

وقال الثميني من الإباضية: "ويبدأ من غلّته لعمارته، وإن لم يشرطها الموقف، وما انهدم منه أو فسد صرف فيها؛ فإن استغني عنه حبس إلى وقت حاجته، وإن تعذّر إعادة عينه بيع وصرف ثمنه في عمارته" (٣). وهو ما أكده الخليلي في الوقف إذا احتاج إلى النفقة من أجل إصلاحه أو تعميره، أنه لا يخلو إما أن يكون الواقف خصص له مصدرا لإصلاحه وترميمه وتعميره أم لا، فإن كان خصص له مصدرا فيصلح بالمصدر الذي خصصه الواقف، وإن لم يخصص له فإنه يصلح من غلته، والفاضل من الغلة يصرف في الجهة الموقوف لها (٤).

[أدلة هذا القول]

- بالنسبة لإيجابها في الغلة فقد قالوا: لأن مقصد الواقف الانتفاع بالوقف مع بقاء عينه، وهذا لا يتم إلا بالإنفاق على عمارته وإصلاحه، فكان إبقاء عينه يتضمن الإنفاق عليه (٥).

- وبالنسبة لإيجابها على الموقوف عليه إذا كان منتفعًا، فلأن الغرم بالغنم لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "الخراج بالضمان" (٦)، فإذا لم يوافق على الغرم وهو النفقة على عمارتها فيمنع من خراجها حتى تتم عمارتها (٧).


(١) مجموع الفتاوي، ابن تيمية ٣١/ ٢١٣.
(٢) الاختيارات الفقهية، ابن تيمية، ١٧٥.
(٣) التاج، الثميني، ٦/ ١٠٦.
(٤) انظر: الخليلي، الفتاوي، ٤/ ١٠٢.
(٥) مجموع الفتاوي، ابن تيمية، ٣١/ ٢١٣.
(٦) سنن أبي داود، ٣٥١٠، وسنن الترمذي ١٢٨٥ - ١٢٨٦.
(٧) فتح القدير، ابن الهمام، ٦/ ٢٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>