للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث التاسع غيبة المستحقين في الوقف الذري]

لا نجد خلافا بين المذاهب الفقهية التي تناولت هذه المسألة، وهي: المذهب الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي، والزيدي، والإباضي على أن المستحقين في الوقف من الذرية يستحقون الوقف حال عودتهم أو ظهورهم.

وتفصيل ذلك على النحو الآتي:

أولًا: الحنفية في المذهب:

المذهب على أنه يجوز عودة من خرج من الوقف الذري بشرط الواقف إذا نص الواقف على رجوعه بعد زوال الشرط، ومثاله: قَولُهُ مَن تَزَوَّجَت أَو خَرَجَت مُنْتَقِلَةً عَنهُ فَلَا حَقَّ لَهَا، فَلَو طَلَّقَهَا زَوجُهَا أَو مَاتَ أَو عَادَت بَعْدَمَا انْتَقَلَت لَا يَرجِعُ لَهَا مَا كَانَ لَهَا في الْوَقْفِ، بَلْ قَدْ سَقَطَ؛ لأَنَّهُ قَطَعَ اسْتِحْقَاقَهَا بِأَحَد هَذه الصِّفَاتِ فَلا يَعُودُ إلَّا أَنْ يَنُصَّ عَلَى ذَلِكَ فَيَقُولَ فَإِنْ عَادَتْ أَوْ فَارَقَتْ عَادَ مَا كَانَ لَهَا (١).

فالمذهب لا يشترط وجود الموقوف عليه من الذرية حين الوقف (٢)، فَلَو قال أَرضِي هذه صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ على من يَحْدُثُ لي من الْوَلَدِ وَلَيْسَ له وَلَدٌ يَصِحُّ هذا الْوَقْف، فإذا أَدْرَكَتْ الْغَلَّةُ تُقَسَّمُ على الْفُقَرَاءِ، فَإنْ حَدَثَ له وَلَدٌ بَعْدَ الْقِسْمَة تُصْرَفُ الْغَلَّةُ التي تُوجَدُ بَعْدَ ذلك إلَى هذا الْوَلَدِ، فَإنْ لم يَبْقَ له وَلَدٌ صُرفَت الْغَلَّةُ إلَى الْفُقَرَاء (٣)، وَإِنْ وقف على ولده ولَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَقتَ الْوَقْفِ بَلْ وَلَدُ ابْنٍ كَانَ لَهُ لا يُشَارِكُهُ مَنْ دُونَهُ مِنْ الْبُطُون، ثُمَّ إذَا وُلِدَ لِلْوَاقِفِ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ رَجَعَ مِنْ ابْنِ الاِبْنِ إلَيْهِ (٤).


(١) انظر: فتح القدير، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام، ٦/ ٢١٥ و ٢٤٤.
(٢) انظر: رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي، ٤/ ٣٤٢.
(٣) انظر: الفتاوى الهندية، لجنة علماء برئاسة نظام الدين البلخي، ٢/ ٣٧١، ورد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي، ٤/ ٤٧٠.
(٤) انظر: فتح القدير، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام، ٦/ ٢٤٢ - ٢٤٣، ورد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي، ٤/ ٤٣٠، والفتاوى الهندية، لجنة علماء برئاسة نظام الدين البلخي، ٢/ ٣٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>