للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء عن الإباضية: "سؤال: هل يجوز لوارث الواقف أو وكيل وصيته -فضلًا عن غيرهما - أن يرهن وقفًا حبسه الموصي لمشروع خيري؟ وإذا تعدَّى أيٌّ كان فَرهَنه فعلًا؛ فهل يحكم الشرع ببطلانه؟ الجواب ... إن العلماء نصُّوا على أنه لا يُرهن ما لا يجوز بيعه، وهذا الرهن لا يجوز بيعه بحال، فكذلك لا يجوز رهنه؛ لأن كلًا من صحة البيع والرهن فرع لثبوت الملكية، وهذا الْوَقْف المتكلم عنه لا يملك أصله أو منفعته وراث ولا وصي، فضلًا عن غيرهم؛ وعليه فمن رهنه فرهنه باطل، لا يُعتدُّ به شرعًا" (١).

وجاء عن الزيدية: وكل ما صحَّ بيعه صحَّ رهنه، إلا تسعة؛ وهي: وقف، وهدي، وأضحية، والأَمَة المؤجَّرة، والزوجة من غير الزوج المستأجر، والفرع دون الأصل، والنابت دون المنبت، والعكس، والجزء المشاع إلا إذا رُهن كله (٢)، وذلك إذا تلف الْوَقْف، فيُباع ولا يرهن (٣).

وعلَّلوا ذلك بجملة من الآثار عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، منها قوله: "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ" (٤).

ويمنع رهن الْوَقْف جاءت قرارات منتدى قضايا الْوَقْف الفقهية الأول؛ إذ جاء فيها: "الأصل عدم جواز رهن الأصول الموقوفة في ديون الْوَقْف أو غيرها" (٥).

القول الثاني: جواز رهن توابع الْوَقْف:

جاء في رواية عند الحنابلة وبعض فقهاء الزيدية: جواز رهن ما كان تبعًا للوقف.

فجاء في المغني قوله: "وما كان فيها من غير ترابها أو من الشجر المجدد فيها، إن أفرده بالبيع والرهن؛ فهل يصح؛ على روايتين، نصَّ عليهما في البيع؛ إحداهما:


(١) انظر: فتاوى البكري، عبد الرحمن بن عمر بكلّي، المطبعة العربية، غرداية، الجزائر، ١٤٠٣ هـ. / ١٩٨٣ م، ٢/ ١٢٦.
(٢) انظر: البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار، المهدي لدين الله أحمد بن يحيى المرتضي، ٥/ ١١٤.
(٣) انظر: التاج المذهب، صفي الدين أحمد بن قاسم الصنعاني، ٣/ ٢٣٠.
(٤) الجامع الصحيح المختصر، البخاري، كتاب البيوع، باب النجش ومن قال: لا يجوز ذلك البيع، ٢/ ٧٥٣.
(٥) قرارات وتوصيات منتدى قضايا الْوَقْف الفقهية الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>