للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها ما رواه البيهقي والخلال عن علي بن أبي عبد الله المديني عن أبيه عن علقمة عن أمه قالت: "دخل شيبة بن عثمان الحجي على عائشة رضي الله عنها فقال: يا أم المؤمنين إن ثياب الكعبة تجتمع علينا فتكثر فنعمد إلى آبار فنحفرها، فتعمقها، ثم تدفن ثياب الكعبة فيها كيلا يلبسها الجنب والحائض، فقالت له عائشة رضي الله عنها: ما أحسنت ولبئس ما صنعت، إن ثياب الكعبة إذا نزعت لم يضرها إن لبسها الجنب والحائض، ولكن بعها واجعل ثمنها في المساكين وفي سبيل الله، قالت فكان شيبة بعد ذلك يرسل بها إلى اليمن فتباع هناك، ثم يجعل ثمنها في المساكين وفي سبيل الله وابن السبيل" (١).

واستدلوا كذلك بأن مصلحة الواقف تقتضي أن تبقى آثار الوقف بأية صورة ممكنة، حيث إن ذلك أحسن وأفضل من أن يترك الوقف مهملًا دون الاستفادة منه، ولذلك قال ابن عقيل: "الوقف مؤيد فإذا لم يمكن تأييده على وجه يخصصه استبقاء الغرض وهو الانتفاع على الدوام في عين أخرى، وإيصال الإبدال جرى مجرى الأعيان، وجمودنا على العين مع تعطلها تضييع للغرض، ويقرب هذا من الهدي إذا عطب في السفر فإنه يذبح في الحال وإن كان يختص بموضع، فلما تعذر تحصيل الغرض بالكلية استوفى منه ما أمكن وترك مراعاة المحل الخاص عند تعذره، لأن مراعاته مع تعذره تقضي إلى فوات الانتفاع بالكلية وهكذا الوقف المعطل المنافع" (٢).

[حالة عدم الانتفاع بالمسجد]

هناك حالات لا ينتفع فيها بالمسجد مثل مسجد بني، ثم انهدم من خشبه أو قصبه أو شيء من نقضه فإنه لا يباع، وإنما يعان به مسجد آخر، هكذا نصّ عليه أحمد وهكذا الحكم عندما يفضل من حصر المسجد وزيته ولا يحتاج إليه فيجوز أن يجعل في مسجد آخر أو يتصدق من ذلك على فقراء جيرانه وغيرهم، وكذلك


(١) السنن الكبرى للبيهقي، ٥/ ١٥٩.
(٢) المغني، ابن قدامة، ٥/ ٦٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>