للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هنا نجد بعض العلماء يجعل برّ الأحباب مقصد الوقف، فذكر صاحب البحر الرائق أن: "سَبَببُهُ إرَادَةُ مَحْبُوبِ النَّفْسِ فِي الدُّنْيَا بِبِرِّ الأَحْبَابِ، وَفِي الآخِرَةِ بِالتَّقَرُّبِ إلَى رَبِّ الأَرْبَاب جَلَّ وَعَزَّ" (١).

وبذلك نرى أن الوقف يعزز الصلة بين الواقف وبين أحبائه وأقربائه، ويؤمِّن لهم موارد ثابتة لسدِّ حاجاتهم وإغنائهم عن السؤال.

ثالثًا: إغناء الذرية:

يحقق الوقف رعاية الأولاد والذرية بالحفاظ على أموال المورث بعد وفاته من الضياع؛ لأن كثيرًا من الوارثين يتلقون الأموال التي ورثوها إسرافًا وبدارًا، ثم يظل أحدهم عالة يتكفف الناس؛ ولهذا قال زيد بن ثابت - رضي الله عنه -: "لم نر خيرًا للميت ولا للحي من هذه الحبس الموقوفة، أما الميت فيجري أجرها عليه، وأما الحي فتُحبس عليه ولا توهب ولا تورث، ولا يقدر على استهلاكها" (٢).

رابعًا: إطالة أمد الانتفاع بالمال:

الوقف يضمن بقاء المال والانتفاع به لجيل بعد جيل، وفي هذا الصدد يقول ولي الله الدهلوي: "ومن التَّبَرُّعَات الوقف، وكان أهل الجاهلية لا يعرفونه، فاستنبطه النبي - صلى الله عليه وسلم - لمصالح لا تُوجد في سائر الصدقات، فإن الإنسان ربما يصرف في سبيل الله مالًا كثيرًا، ثم يفني، فيحتاج أولئك الفقراء تارة أخرى، ويجيء أقوام آخرون من الفقراء، فيبقون محرومين، فلا أحسن ولا أنفع للعامة من أن يكون شيء حبسًا للفقراء وأبناء السبيل تصرف عليهم منافعه، ويبقى أصله على ملك الواقف، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - لعمر - رضي الله عنه -: "إن شِئْت حبست أصلها، وتصدقت بها" (٣).


(١) البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن إبراهيم بن محمد المعروف بابن نجيم المصري، ٥/ ٢٠٢.
(٢) الإسعاف في أحكام الأوقاف، إبراهيم بن موسى بن أبي بكر ابن الشيخ علي الطرابلسي الحنفي: ٩.
(٣) حجة الله البالغة، أحمد بن عبد الرحيم بن الشهيد وجيه الدين بن معظم بن منصور المعروف بالشاه ولي الله الدهلوي"، تحقيق: السيد سابق، دار الجيل، بيروت، ط ١، ١٤٢٦ هـ/ ٢٠٠٥ م، ٢/ ١٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>