للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعًا: تأجير الموقوف عليه للوقف:

من أساليب الإدارة والاستثمار تأجير الأعيان الموقوفة، وهي تنقسم إلى قسمين:

المسألة الأولى: ما إذا كان الموقوف عليه هو الناظر على الوقف، وفيها قولان:

القول الأول: جواز تأجير الموقوف عليه المعيَّن للوقف، وهو قول المالكية، والشافعية، والحنابلة (١).

ولا فرق هنا سواء كانت تولية الموقوف عليه قد صدرت من قبل الواقف أو من قبل القاضي فهو في كلتا الحالتين ناظر كامل الأهلية مطلق الولاية يملك أن يقوم بإدارة الوقف دون انتقاص من صلاحياته وإن كان هو مستحقًا من الوقف.

وعند المالكية أنه "لا يجوز للناظر التصرف إلا على وجه النظر، ولا يجوز للقاضي أن يجعل بيد الناظر التصرف كيف شاء" (٢).

القول الثاني: أنه لا يحق للموقوف عليه تأجير الوقف، وعللوا ذلك باحتمال موت الموقوف عليه خلال مدة الإجارة فيكون تصرفه في نصيب غيره إلا أن شرط الواقف له ذلك فيصح منه التأجير عندئذ، وهو رأي الشافعية؛ إذ قالوا: "منافع الموقوف ملك للموقوف عليه ليوفيها بنفسه ويغيره، بإعارة وإجارة كسائر الأملاك، لكن لا يؤجر إلا إذا كان ناظرًا أو أذن له الناظر في ذلك، هذا إذا كان الوقف مطلقًا، فإن كان مقيدًا بشيء؛ كما لو وقف دارًا على أن يسكنها معلم الصبيان في القرية مثلًا .. ليس له أن يسكنها غيره بأجرة ولا بغيرها". (٣)


(١) انظر: روضة الطالبين وعمدة المفتين، النووي، ٤/ ٤١٥، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي، ٢/ ٨٨، وشرح دقائق أولي النهى لشرح المنتهى المعروف بشرح منتهى الإرادات، البهوتي الحنبلي، ٢/ ٥٠٣ - ٥٠٤، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ٧/ ٦٩.
(٢) مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، الحطاب الرُّعيني، ٧/ ٦٥٨.
(٣) مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، شمس الدين، محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي، ٢/ ٣٩٣ - ٣٨٩، وانظر: روضة الطالبين وعمدة المفتين، النووي، ٤/ ٤١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>