للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثانية: إجارة الوقف من قبل الموقوف عليه غير الناظر؛ وفيها قولان:

القول الأول: الجواز، وإليه ذهب المالكية، والحنابلة، ورأي عند الحنفية، وقول عند الشافعية، وهو مذهب الزيدية والإمامية، على التفصيل الآتي:

يرى بعض فقهاء الحنفية جواز إجارة الموقوف عليه غير الناظر للوقف؛ كالدور والحوانيت، بشرط أن يكون الاستحقاق منحصرًا على الموقوف عليهم؛ كأن كان الوقف لا يحتاج إلى العمارة ولا شريك معه في الغلة، فكل من له حق استغلال الوقف له أن يؤجر عقار الوقف في كل موضع يكون كل الأجر له، كما إذا كان العقار لا يحتاج إلى العمارة ولا شريك معه في الغلَّة، وفيما عدا ذلك فلا تصح منه الإجارة، وتفريعًا على ذلك فإنه يجوز للموقوف عليه غير الناظر أن يؤجر الدور والحوانيت بناء على ما ذكرنا، أما الأراضي فإن شَرطُ الواقف تقديم العُشر والخراج وغيرها، وجعل للموقوف عليه الباقي بعد ذلك؛ فليس للموقوف عليه أن يؤجرها؛ إذ لو جاز لكان كل الأجر له بحكم العقد، فيفوت شرط الواقف وإن لم يشرط ذلك فيجب أن يجوز، ويكون الخراج والمؤنة عليه (١).

والمالكية يجيزون لمستحق الوقف إكراه، فيجوز لمن حبس عليه ملك من الأعيان أو الأعقاب إكراؤه (٢).

والحنابلة يصرحون بصحة الإجارة من مستحق الوقف (الموقوف عليه)؛ لأن منافع الوقف له فله إجارتها كالمستأجر (٣).


(١) انظر: الإسعاف في أحكام الأوقاف، إبراهيم بن موسى بن أبي بكر ابن الشيخ علي الطرابلسي، ٦٧، وفتاوي قاضيخان، محمود الأوزجندي، ٣/ ٣٣٦، والفتاوي الهندية، لجنة علماء برئاسة نظام الدين البلخي، دار الفكر، ط ٢، ١٣١٠ هـ، ٢/ ٤٢٢، وفتح القدير، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام، ٥/ ٤٣٦.
(٢) انظر: فتح الفتاح، أبو علي الحسن بن رجال المعدني، مخطوطة بالخزانة الملكية بالرباط، ٩/ ٣٦٤.
(٣) انظر: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى، السيوطي، ٣/ ٦١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>