للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولًا: الكتاب:

فقد تضافرت آيات القرآن الكريم في الحث على فعل الخير بعامة، وعلى الإنفاق في وجوه البر خاصة؛ والوقف بشكل أخص، وهو من أعمال البر والخير بلا أدنى شكٍّ؛ فمن ذلك:

أ) قوله تعالى {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} (١).

وجه الدلالة: أنّ مما يدخل في نيل البرّ: الْوَقْف؛ بدليل ما أخرجه الشيخان عن أنس قال: كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالًا من نخلٍ، أحب ماله إليه بَيرُحاء (٢)، مستقبلة المسجد، وكان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس: فلمّا نزلت الآية: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قام أبو طلحة فقال: يا رسول الله، إن الله يقول: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}، وإن أحب أموالي إليَّ بَيَرُحاء"، وإنها صدقة لله، أرجو بِرّها وذخرها عند الله تعالى، فضعها حيث أراك الله، فقال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "بخ (٣) ذلك مال رابح أو "رايح" شكَّ ابن مسلمة - وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين قال أبو طلحة: "أفعل ذلك يا رسول الله"، فقسمها أبو طلحة في أقاربه، وفي بني عمه، وفي لفظ قال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "اجعلها في قرابتك"، فجعلها في حسان بن ثابت، وأبي بن كعب (٤)،


(١) سورة آل عمران، آية ٩٢.
(٢) وبيرحاء: بستان كان بجوار مسجد النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، قال ابن الأثير: هذه اللفظة: (وبيرحاء) كثيرًا ما تختلف ألفاظ المحدثين فيها، فيقولون: بيرحاء بفتح الباء وكسرها، وبفتح الراء وضمها، والمد فيهما، وبفتحهما والقصر، والبيرحاء هي: الأرض الظاهرة المنكشفة. انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، دار المعرفة بيروت، ١٣٧٩ هـ، ٥/ ٣٩٧.
(٣) بخ: بوزن بل، كلمة تقال عند المدح والرضا بالشيء، وتكرار للمبالغة، فيقال: بخ بخ، فإن وصلتَ خفضتَ ونوَّنت، فقلت: بخ بخ. انظر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، أبو العباس أحمد بن محمد بن علي الفيومي ثم الحموي، ١/ ٣٧.
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الوصايا، باب إذا وقف أرضا ولم يبين الحدود فهو جائز، وكذلك الصدقة، حديث رقم ٢٧٩٩، ومسلم في صحيحه، في الزكاة، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين، حديث رقم ٩٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>