للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبمثل قول محمد قال جماعة من الفقهاء منهم الظاهرية، لأنه شرط ليس في كتاب الله فيكون باطلًا في نظرهم (١)، وبمثل قول أبي يوسف قال المالكية حيث أجازوا اشتراط بيع الوقف إن احتاج إليه الواقف ويعمل بشرطه (٢).

[شرط الاستبدال عند المالكية]

المفتي به عند جمهور المالكية جواز وقف المنقول إن كانت هناك مصلحة لذلك. فالشيء الموقوف على معين أو على غير معين من غير عقار إذا صار لا ينتفع به في الوجه الذي وقف فيه كالثوب يخلق، والفرس يمرض، ونحو ذلك، فإنه يباع ويشترى بثمنه مثله (٣).

أما استبدال العقار، فقد منع مالك استبداله ولو خرب كما في المدونة، واستدل على ذلك بأن أحباس السلف دائرة دليل على منع ذلك، وفي رواية أبي الفرج عن مالك إن رأى الإمام بيع ذلك لمصلحة جاز، ويجعل ثمنه في مثله، وقال ابن عرفة: يجوز نقلها لوقف عام المنفعة ولو كان غير مماثل للأول.

واستثنوا من ذلك أن يباع العقار الحبس لتوسيع مسجد، وهل هو المسجد الجامع أم في كل مسجد؟ محل خلاف في المذهب (٤).

[شرط الاستبدال عند الشافعية]

وأما الشافعية فقد شددوا كثيرًا في استبدال العين الموقوفة، حتى أوشكوا أن يمنعوه مطلقًا خشية ضياع الوقف أو التفريط فيه.

قال النووي: والأصح جواز بيع حصر المسجد إذا بليت، وجذوعه إذا انكسرت، ولم تصلح إلا للإحراق. ولو انهدم مسجد وتعذر إعادته لم يبع بحال، وتصرف غلة وقفه إلى أقرب المساجد إليه. ثم إن المسجد المنهدم لا ينقض إلا إذا خيف على


(١) انظر: المحلى بالآثار، ابن حزم، ١٠/ ١٨٨.
(٢) انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، ٤/ ٨٩.
(٣) انظر: شرح مختصر خليل، محمد بن عبد الله الخرشي المالكي أبو عبد الله، دار الفكر للطباعة، بيروت، ٧/ ٩٤ - ٩٥.
(٤) انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، ٤/ ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>