للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يتمكن من تمليك نفسه بالوقف، ولأنه يمتنع أن يعتق عبده ويشترط عليه خدمته حياته، لكن إن حبس على نفسه وغيره صح ودخل معهم وإلا بطل لأنه معهم تبع بخلاف الاستقلال (١)، وكذلك إذا وقفه عاما فيجوز أن يدخل في العموم ما لا يدخل في الخصوص كأن يصلي في المسجد الذي وقفة للمسلمين (٢).

ثالثًا: رأي عند الشافعية:

يرى بعض فقهاء الشافعية جواز الوقف على النفس: ودليلهم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال حين ضاق المسجد به: "من يشتري هذه البقعة ويكون فيها كالمسلمين وله في الجنة خيرٌ منها"، فاشتراها عثمان. وقال في بِئْرِ رُومَةَ: من يشتريها من ماله، واشتراها عثمان - رضي الله عنه - واشترط فيها رِشًا كَرِشَا المسلمين بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. واستدلوا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لصاحب البَدَنَةِ: "اركبها إذا أُلجئت إليها حتى تجد ظهرًا" فجعل له الانتفاع بما أخرجه من ماله لله تعالى، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - عتق صفية، وجعل عتقها صداقها مُعَادًا إليه بعد أن أخرجه لله، ولأن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وقف دارا له فسكنها إلى أن مات، وأن الزبير بن العوام جعل رِبَاعَهُ صدقاتٍ موقوفاتٍ فسكن منزلًا منها حتى خرج إلى العراق، ولأنه لما استوى هو وغيره في الوقف العام جاز أن يستوي هو وغيره في الوقف الخاص (٣).

[رابعا: رأي عند الحنابلة، والمذهب على جواز انتفاع الواقف بوقفه باشتراطه]

أ) رأي بعض فقهاء الحنابلة صحة الوقف على النفس، فنقل عن جماعة منهم أن الوقف على النفس صحيح (٤)، وهم يرون أن هذا هو الصواب وفيه مصلحةٌ


(١) انظر: الذخيرة، شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، ٦/ ٣١١، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، شمس الدين الشيخ محمد عرفة الدسوقي، ٤/ ٨٠.
(٢) انظر: الذخيرة، شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، ٦/ ٣١١.
(٣) انظر: الحاوي الكبير، العلامة أبو الحسن الماوردي، ٧/ ٥٢٥.
(٤) انظر: المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، ٥/ ٣٥٣ - ٣٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>