للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي وجه تسمية هذا التصرف بالإرصاد: قال ابن عابدين الحنفي: "الرصد الطريق، وبالمرتصد: أي بطريق الارتقاب والانتظار، وربك لك بالمرصاد؛ أي: مراقبك، ومنه سمي إرصاد السلطان بعض القرى والمزارع من بيت المال على المساجد والمدارس ونحوها، لمن يستحق من بيت المال كالقراء والأئمة والمؤذنين ونحوهم، كأن ما أرصده قائم على طريق حاجاتهم يراقبها، وإنما لم يكن وقفًا حقيقة لعدم ملك السلطان له، بل هو تعيين شيء من بيت المال على بعض مستحقيه" (١).

[أ) اختلاف الإرصاد عن الوقف عند جمهور الفقهاء]

يرى جمهور الفقهاء من الحنفية، والشافعية، والمالكية، والحنابلة أن الإرصاد يختلف عن الوقف بوجوه منها:

١ - الإرصاد لا يكون إلا من الإمام أو ممن ينوب عنه، بخلاف الوقف فإنه يكون من الإمام ومن غيره؛ لأن الإرصاد لا يكون إلا من أموال بيت المال والتصرف في بيت المال يناط بالإمام ونوابه فقط (٢).

٢ - المرصد لا يكون إلا من أموال بيت المال، بخلاف العين الموقوفة فإنها تكون ملكًا للواقف قبل أن يقفها؛ ولذلك لا يعتبر الفقهاء الإرصادات أوقافًا حقيقية، قال ابن عابدين: إذا كانت لبيت المال ولم يتم ملك الواقف لها؛ فيكون ذلك إرصادًا إلا وقفًا حقيقة (٣).

٣ - يختلف الإرصاد عن الوقف في أن المرصد عليه يكون من مستحقي بيت مال المسلمين، في حين لا يشترط في الموقوف عليه أن يكون من مستحقي بيت المال،


(١) رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي المشهور بابن عابدين، ٤/ ١٩٥.
(٢) انظر: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهي، مصطفى بن سعد بن عبده الدمشقي الحنبلي، ٤/ ٣٣٢.
(٣) انظر: رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي المشهور بابن عابدين، ٤/ ١٨٤ و ٣٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>