للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويلزم الوقف عندهم بأحد الأمور الآتية (١):

الأمر الأول: أن يحكم الحاكم (القاضي) بلزوم الوقف، فإن حصل نزاع بين الواقف والناظر في العين الموقوفة، وحكم القاضي بكونه وقفًا صار لازمًا؛ لأن قضاء القاضي في المسائل الاجتهادية يحسم النزاع، ويرفع الخلاف في المسألة.

الأمر الثاني: أن يكون الوقف على مسجد، ويأذن للناس بالصلاة فيه، فيلزم هذا الوقف بذلك، دون حاجة إلى حكم حاكم، فلا يجوز الرجوع عنه، ولا يكون ميراثًا بعد وفاة الواقف؛ لأن المسجد يكون خالصًا لله تعالى، ويتخصص للصلاة، فيكون لازمًا.

الأمر الثالث: أن يخرج الوقف مخرج الوصية؛ بأن يعلق الواقف الوقف بوفاته؛ كأن يقول: وقفت داري بعد موتي على الفقراء والمساكين، فإذا قال ذلك؛ خرج الوقف عن ملك الواقف بعد وفاته محسوبًا من ثلث التركة.

الأمر الرابع: أن يخرج الوقف مخرج نذر التصدق بالغلة؛ كأن يقول في حياته: وقفتها في حياتي، وبعد وفاتي مؤبًدا وما دام الواقف حيًا، فهو نذر بالتصدق بالغلة، فعليه الوفاء، وله الرجوع، فإن لم يرجع حتى مات، نفذ الوقف من الثلث، فالوقف في الأمرين الأوليين يكون لازمًا في حياة الواقف بلا توقف على موته، ويزول عنه الملك، ويلزم في الحال، كما يلزم أيضًا بالموت، وأما في الأمرين الأخيرين فلا يلزم الوقف، ولا يزول الملك عن الواقف إلا بموته، أما في حال حياته فيجوز للواقف الرجوع عن الوقف ما دام حيًا، غنيًا كان أو فقيرًا، بأمر قاضٍ أو غيره.

واستدل أصحاب هذا الرأي بالأدلة الآتية:


(١) انظر: المبسوط، السرخسي، ١٢/ ٢٧، والبحر الرائق، ابن نجيم، ٥/ ٢٠٩، والإسعاف، الطرابلسي، ٣، وحاشية ابن عابدين، ابن عابدين، ٤/ ٣٤٣، ومنهج الطالبين، الرستاقي ١٣/ ٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>