للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحتّى إذا صار مشهور الإمامية معترفًا بالشخصية الحقوقية ووجد دليل عليها إلا أن الأشكال في صحة وقف السهم الذي هو كليّ في ذمة الشركة، فإنّ هذا السهم لا يمثّل ملكًا مشاعًا في عين خارجية، ولا يمثّل وقف ماليّة عين خارجية بحيث يمكن أن تبدّل إلى شيء آخر أو يمكن أن تقرض ويرجع بدلها ليقرض مرّة ثانية، بل هو عبارة عن وقف ما في الذمّة.

ووقف ما في الذمة أمر مرفوض عند الإمامية، وذلك لعدم صحة وقف ما هو في الذمّة الذي هو أمر كليّ وليس عينا خارجية، فالدليل قد دلّ على صحة وقف الأعيان الخارجية "سواء كانت مشاعة أو معيّنة في الخارج" لقول رسول الله: "حبّس العين وسبّل الثمرة".

القول الثاني: عدم جواز وقفها؛ لأنها لا تقبل القسمة (١).

وسبق أن سبب منع هؤلاء لوقف المشاع الذي لا يقبل القسمة هو دفع الضرر عن الشريك فيما لو رغب في البيع أو المناقلة أو عمارة ملكه، وهذا غير وارد في الأسهم، إذ يمكنه التخلص منها متى رغب في ذلك، والحكم يدور مع علته وجودا وعدما، فتكون المسألة متفقا على جوازها.

ب) الحالة الثانية: إذا كان الواقف ممن يمتهن التداول في الأسهم بيعا وشراءً طلبا للربح لا غير، ووقف أسهمه على هذا الأساس، فالأقرب أن تخرج على وقف النقود (٢)، لسهولة تسييل الأسهم، ولأن غرض الواقف هو تثمير نقوده، والأسهم عنده عرض من العروض.

ولا يخفى أن النقود التي تكلم عنها الفقهاء قديمًا غير النقود المعروفة لدينا اليوم، فهي قديمًا من الذهب والفضة المصكوكة غالبا، وهي الدراهم والدنانير؛ ولذا خرّج الشافعية والحنابلة حكم وقفها على حكم كرائها وإجارتها، ولعل ذلك كان معمولا به عندهم.

أما اليوم فلا يتصور تأجير النقود المتداولة بين الناس، بل لا يتصوره الناس أصلًا.


(١) انظر: حاشية الدسوقي: ٤/ ٧٦.
(٢) وقد سبق خلاف العلماء في وقف النقود، وأن لهم في ذلك قولين مشهورين؛ الأول: منع وقف النقود، وهو قول جمهور العلماء. الثاني: الجواز، وهو قول متأخري الحنفية، وهو مذهب المالكية ومن وافقهم من الشافعية والحنابلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>