للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي مواهب الجليل للحطاب المالكي: "سُئل السيوري عن إمام مسجد ومؤذنه ومتولي جميع أموره قام عليه محتسب بعد أعوام في غلَّة حوانيت له وقال: فضلت فضلة عما أنفقت، فقال المتولي: لم يفضل شيء فقال له المحتسب: بين للقاضي صفة الخروج (أي الإنفاق) فقال: لا يجب علي ذلك، ولو علمت أنه يجب علي ذلك ما توليت ولا قمت به، والحال أنه لا يوجد من يقوم به إلا هو، ولولا هو لضاع، فهل يقبل قوله أو لا يقبل؟ فأجاب السيوري: القول قوله فيما زعم أنه أخرجه إذا كان يشبه ما قال، قال البرزلي: وهذا إذا لم يشترط عليه دخلًا ولا خرجًا إلا بإشهاد (١).

الاتجاه الثاني: التفرقة في محاسبة الناظر بين كون الموقوف عليهم معيَّنين أو غير معيَّنين:

فإن كان الموقوف عليهم معيَّنين وادَّعى الناظر صرف الغلَّة للمستحقين، وكذَّب المستحقون؛ فلا يُصدَّق في دعواه، وعليه إثبات ما يدعيه من الصرف بالبينة، وذلك لأن المستحقين لم يأتمنوا الناظر.

وأما إن كان الموقوف عليهم غير معيَّنين وادَّعى الناظر الصرف لهم؛ فإنه يصدق في قدر ما اتفق عند الاحتمال، وللقاضي مطالبته بالحساب في أَوجه الوجهين وإن اتهمة حلفه، وإليه ذهب الشافعية (٢).

قال الخطيب الشربيني من الشافعية: "ولو ادعى متولي الوقف صرف الريع للمستحقين؛ فإن كانوا معيَّنين؛ فالقول قولهم ولهم مطالبته بالحساب، وإن كانوا غير معيَّنين؛ فهل للإمام مطالبته بالحساب أولًا؟ وجهان؛ حكاهما شريح في أدب القضاء، أَوْجههما الأول، ويصدق في قدر ما أنفقه عند الاحتمال، فإن اتهمه الحاكم


(١) مواهب الجليل، الحطاب، ٦/ ٤٠.
(٢) انظر: تحفة المنهاج مع حواشيه، ٦/ ٢٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>