للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تمهيد]

أولًا: حكمة تشريع النظارة على الوقف:

جاءت الشريعة الإسلامية بتنظيم حياة الإنسان وترتيب شؤونه، وأرشدته إلى طرق استثمار أمواله وكيفيَّة إنفاقها، ووجَّهت إلى ما يحصل به جزيل الثواب؛ بعدم انقطاع العمل، والذي يمتدُّ ثوابها إلى ما بعد حياة الإنسان.

ومن هذه الطرق طريق تناوله الشارع الكريم حثًّا وترغيبًا وطلبًا، وشهد الواقع المعاصر والغابر بنفعه وأثره وفائدته، واهتم أولوا العلم ببيان مسائله، وضبط فروعه، وترتيب أبوابه؛ طلبًا للمصلحة التي جاء الشرع بتحصيلها وتكميلها: ألا وهو طريق الوقف، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ: (١)، وذلك الغرض المقصود منه.

وهذا لا يتأتَّى إلَّا بولاية صالحة، تحفظ الأعيان الموقوفة، وترعى شؤونها بأمانة، وتوصِّل الحقوق إلى أهلها، بلا توانٍ أو خيانة، فعن معقل بن يسار المزني قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته إلَّا حرَّم الله عليه الجنة" (٢).


(١) الحديث أخرجه مُسْلِم، كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، ٣/ ١٢٥٥ (١٦٣١)، وأبو داود، كتاب الوصايا، باب ما جاء في الصدقة عن الميت، ٣/ ١١٧ (٢٨٨٠)، والترمذي، كتاب الأحكام، باب في الوقف، ٣/ ٦٦٠ (١٣٧٦)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي، كتاب الوصايا، باب فضل الصدقة عن الميت، ٦/ ٢٥١ (٣٦٥١)، والدارمي في المقدمة باب البلاغ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتعليم السنن، ١/ ١٤٨ (٥٥٩)، ومسند الإمام أحمد بن حنبل، أَبُو عبد الله أحمد بن مُحَمَّد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني، تحقيق: شعيب الأرناؤوط وعادل مرشد وآخرون، إشراف: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة، ط ١، ١٤٢١ هـ/ ٢٠٠١ م، ٢/ ٣٧٢ (٨٨٣١)، والبيهقي في: السنن الكبرى (سنن البيهقي)، أَبُو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى البيهقي، تحقيق: مُحَمَّد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط ٣، ١٤٢٤ هـ/ ٢٠٠٣ م، كتاب الوصايا، باب الدعاء للميت، ٦/ ٢٧٨ (١٢٤١٥).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأحكام، باب من استُرعي رعية فلم ينصح، حديث رقم (٦٦١٨)، وأخرجه مُسْلِم في صحيحه، كِتَابُ الْإِيمَانَ، باب استحقاق الوالي الغاش لرعيته النار، حديث رقم (٢٠٣)، كِتَابُ الْإِمَارَةِ، بَابُ فَضِيلَةِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ وَعُقُوبَةِ الْجَائِرِ وَالْحَثِّ عَلَى الرِّفْقِ بِالرَّعِيَّةِ وَالنَّهْي عَنْ إِدْخَالِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ، حديث رقم (١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>