للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث العاشر نظارة المؤسسات (الأشخاص الاعتبارية)]

الوقف يهدف إلى استمرار مسيرة الخير كي ينعم المحتاجون بثمار ما يحبسه القادرون، وفي ضوء ما أسفر عنه التطور المعاصر في النظر إلى مهام الوقف وغاياته، وما أصبحت تمثله من أهمية بارزة في حياة الفرد والمجتمع برزت الحاجة إلى أن يواكب ذلك التطور تغيير في النظام الذي يتولى إدارته وذلك من خلال الانتقال إلى النظام المؤسسي للنظارة على الوقف وإسناد النظر على الوقف إلى مؤسسات متخصصة تسعى جاهدة بما لديها من إمكانيات للارتقاء بدور الوقف بما يحقق المعنى الحقيقي لما قصده الشارع الحكيم من مشروعيته.

والدولة من الشخصيات الاعتبارية العامة، ولا خلاف بين الفقهاء في ثبوت ولاية الدولة على الأوقاف وأن لها أن تستنيب فيما تراه من أمور.

قال إمام الحرمين الجويني: "واستنابة الإمام لابد منها ولا غنى فإن الإمام لا يتمكن من تولي جميع الأمور وتعاطيها ولا يفي نظره بمهمات الخطة ولا يحويها، وهذه القضية في ضرورات العقل ولا يستريب اللبيب فيها حتى تكون الخطة بكلاءته مريوطة، وبرعايته محوطة، ومجامع الأمور برأيه منوطة واطلاعاته على البلاد والعباد مبسوطة فهو يرعاهم كأنه يراهم وإن شط المزار وتقاصت الديار" (١).

وبيّن أن من خطة الإمام في تدبير أمور الدنيا القيام على المشرفين على الضياع بأسباب الصون والحفظ والإبقاء والإنقاذ (٢).

وقال السيوطي: "النوع الثاني: فيما يتعلق بوظيفة القضاء من التواقيع والتسجيلات وتفويض الأنظار والتداريس، والنظر على الأوقاف الجارية تحت نظر الحكم العزيز، ونصب الأمناء والقوام على الأيتام الداخلين تحت حجر المشرع الشريف وغير ذلك من التعلقات التي هي منوطة بحكام الشريعة المطهرة" (٣).


(١) غياث الأمم في التياث الظلم، إمام الحرمين أبو المعالي ركن الدين عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني الملقب، تحقيق: عبد العظيم الديب، مكتبة إمام الحرمين القاهرة، ط ٢، ١٤٠١ هـ، ١٥٩ وما بعدها.
(٢) انظر: غياث الأمم في التياث الظلم، الغياثي، ٣٠٢.
(٣) جواهر العقود، السيوطي، ٢/ ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>