للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد أفتى بهذا الرأي بعض أكابر أهل المغرب من فقهاء المالكية؛ وهو القاضي ابن باديس، فأجاز كراء دار محبسة على الفقراء تخربت ولم يوجد ما تعمر به السنين الكثيرة، وشرط الفتوى بالجواز أن يكون إصلاحها من إجارتها وكرائها، ولقد منع هذا الفقيه المغربي أن يباع الوقف، ولم ينكر عليه أحد من أهل عصره (١)، مما يعني تلقي فقهاء المالكية هذا الرأي بالقبول والاتفاق.

ثالثًا: المذهب الشافعي:

أنه لا تصح الإجارة الطويلة في الوقف مطلقًا إلا إذا كانت هناك حاجة إليها، أو كانت هناك مصلحة تعود إلى الوقف لا إلى المستحق، وتثبت هذه الحاجة أو المصلحة عند القاضي (٢).

رابعًا: المذهب الحنبلي:

أنه لا تجوز الإجارة الطويلة إلا إذا كانت هناك حاجة إليها، أو كانت هناك مصلحة للوقف لا للموقوف (٣).

خامسًا: المذهب الزيدي:

أنه تجوز الإجارة الطويلة بشرط أن يكون الوقف مستفيضًا مشهورًا؛ بحيث تنتفي فيه المخاوف من التباسه بما هو ملك خاص، أو إذا كان المؤجر هو صاحب المنافع، وإن كان واليًا؛ كمتولي أوقاف المساجد ونحو ذلك، فشرط صحة الإجارة أن نفرض للمسجد ونحوه مصلحة في طولها تفوت هذه المصلحة مع قصر المدة، وإلا فالإجارة فاسدة من أصلها (٤).


(١) انظر: الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني ("رسالة ابن أبي زيد القيرواني" بأعلى الصفحة يليها مفصولًا بفاصل شرحها "الفواكه الدواني" للنفراوي)، شهاب الدين أحمد بن غانم (أو غنيم) بن سالم بن مهنا النفراوي الأزهري المالكي، دار الفكر، ط ١٤١٥ هـ./ ١٩٩٥ م، ٢/ ١٦٥، وشرح مختصر خليل، محمد بن عبد الله الخرشي، ٧/ ٧٨.
(٢) انظر: الفتاوى الكبرى الفقهية، الهيتمي، ٣/ ٣٢٨.
(٣) انظر: مجموع الفتاوي، ابن تيمية، ٣٠/ ٢٤٦، وكشاف القناع، البهوتي، ٤/ ٣٥٣، وما بعدها إذ أورد مسائل عديدة تجيز بيع الوقف وهبته والمناقلة به في حال تعطل منافع الوقف وخرابه وغير ذلك فالإجارة أقل خطرًا من البيع، فحري بها أن تجاز عندهم في هذه الحالات الاستثنائية.
وانظر: إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن قيم الجوزية، ٣/ ٣٠٤.
(٤) انظر: شرح الأزهار (المنتزع المختار من الغيث المدرار)، ابن مفتاح، ٣/ ٤٩٧ - ٤٤٩، والتاج المذهب لأحكام المذهب، أحمد بن قاسم العنسي اليماني الزيدي، ٣/ ٣٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>