للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما المالكية فلهم في تحديد المدة آراء عديدة، أبرزها رأي مالك المنقول عنه في المدونة ٤/ ٩٤، وهو أن المدة لا تحدد بسنين مقدرة بل يترك أمرها إلى اجتهاد الحاكم (١).

ويرى الإباضية أن مدة التقادم عشرون سنة، فقد جاء في شرح النيل: "عن الربيع: رفع الحديث إلى أبي عبيدة أن ما حيز من الدور والرباعات وغير ذلك عشرين سنة يبنون ويهدمون وأهلها حاضرون لا يغيرون ولا ينكرون، ثم أدلوا بحجة فلا يلتفت إليها ولا حجة لهم بعد عمارة عشرين سنة، وهم حضور لا ينكرون، قال الربيع: قال أبو عبيدة: قال رجل من أهل البصرة لجابر بن زيد في كتاب: يا أبا الشعثاء، ما تقول في رجل كانت له دار بالبصرة خربة، فاشتغل عنها في بعض أسفاره، ورجع فوجد فيها رجلًا من هؤلاء القوم، فابتناها وحازها وعمَّرها منذ خمسة وعشرين سنة أو ثلاثين سنة، لا يقدر على دفعه وخصومته؟ فأجابه في ظهر كتابه: فهمت مسألتك، ولا أخالك تقدر على دار عمَّرها رجل منذ خمسة وعشرين أو ثلاثين سنة وأنت حاضر لحيازته وعمارته وبنائه لا تنكر، وقبيح لمثلك أن يطلب ما لا يدرك، ويتمني بما لا ينال" (٢).

[ب) وقف التقادم وانقطاعه]

والتقادم الموجب لعدم سماع الدعوى يمكن أن يتوقف أو ينقطع، وهناك جملة أعذار توجب ذلك أطال الفقهاء الحديث عنها، ونحن سوف نعرضها هنا على وجه الإيجاز.

والمقصود بالأول - أعني التوقف - حصول شرط معتبر شرعًا يطرأ على المدعي أو المدعى عليه يمنع المدعي من رفع دعواه، ويؤدي إلى إسقاط مدة وجود العذر من مرور الزمان الموجب لسقوط الدعوى.


(١) انظر: مواهب الجليل شرح مختصر خليل، أبو عبد الله محمد الحطاب، ٦/ ٢٢٣ - ٢٢٤، والفواكه الدواني، النفراوي، مطبعة السعادة، ط ١، ١٣٣٢ هـ، ٣/ ١٤٦ - ١٤٧، وحاشية العدوي على شرح الخرشي، العدوي، مطبوعة على هامش الخرشي، ضمن: شرح الخرشي على مختصر خليل، محمد الخرشي، ٧/ ٢٤٢.
(٢) انظر: شرح النيل وشفاء العليل، محمد بن يوسف أطفيش، ١٣/ ٥١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>