للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يظهر أن الإقرار المسقط يجب أن يكون في مجلس القضاء، فعبارة الفقهاء مطلقة في هذا الشأن، نعم نقل ابن عابدين عن بعض شيوخه تقييده بذلك (١)، ولعل المقصود منه الإقرار الشفاهي دون الكتابي، فلا يشترط فيه أن يكون أمام القاضي وفي مجلسه، وفي ذلك خلاف سيأتي عند الحديث على وسائل الإثبات في دعوى القضاء.

فإذا ثبت المدعى عليه إقراره في ورقة بخط يده أو إمضائه فهو قاطع لمرور الزمن ومسقط للتقادم، وهو أداة إثبات كذلك إن لم يمضِ عليه زمان جديد عن إبرازه أمام القاضي (٢).

سادسًا: وسائل الإثبات في دعوى الوقف:

دعوى الوقف كغيرها من الدعاوى لا بد لإثباتها من بينة يؤيد بها المدعي دعواه، والبينة هي ما يبين به الحق ويظهر، وهي شرعًا الشهادة العادلة (٣).

والأدلة التي يثبت بها الحق في الدعوى بعضها محل اتفاق بين العلماء، وبعضها الآخر محل خلاف، ونحن لا يعنينا هنا الدخول في تفاصيل هذا الخلاف، وموضعها مباحث القضاء بشكل عام، وما يعنينا هنا هو كونها أدلة إثبات في دعوى الوقف، وفي كيفية الاستفادة منها، ووجه تطبيقها وشروط صحتها وقيمتها ووسائل الإثبات في العموم هي الإقرار والشهادة واليمين.

[أ) الإقرار: معناه، حجيته، وأنواعه]

أما الإقرار فهو إظهار مكلف مختار ما عليه (لفظًا أو كتابة أو إشارة)، أو على موكله أو موليه أو مورثه بما يمكن صدقه، أو هو إخبار شخص بحق لغيره على


(١) انظر: رد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين)، ابن عابدين، ٤/ ٤٧٦.
(٢) انظر: الفتاوي الكاملية في الحوادث الطرابلسية، محمود الطرابلسي، ١٠٨.
(٣) انظر: أعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن قيم الجوزية، ١/ ١٠٤، والاختيار لتعليل المختار، عبد الله الموصلي، ٢/ ٥، والطرق الحكمية في السياسات الشرعية، ابن قيم الجوزية، ٢٤، وتبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام، ابن فرحون، بهامش: فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (فتاوى الشيخ عليش)، محمد أحمد عليش، ١/ ٣٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>