للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثمرة يمنع أن تكون له فيها حق، ولأن الوقف صدقة، ولا تصح صدقة الإنسان على نفسه، ولأن الوقف عقدٌ يقتضي زوال الملك فصار كالبيع والهبة، فلما لم تصح مبايعة نفسه ولا الهبة بها لم يصح الوقف عليها، ولأن استثناءَ منافعِ الوقف لنفسه كاستثنائه في العتق بعض أحكام الرِّقِّ لنفسه، فلما لم يجز هذا في العتق لم ير مثله في الوقف، ولأن الوقف يوجب إزالة مِلْكٍ باستحداثِ غيره وهو إذا وقف على نفسه لم يدل بالوقف ملكًا، ولا استحدث به ملكًا فلم يجز أن يصير وقفًا (١).

ب) هنالك من فقهاء الشافعية من استثني بعض المسائل من عدم صحة الوقف على نفسه (وإن كان فيها خلاف في المذهب) منها: ما لو وقف على العلماء ونحوهم كالفقراء واتصف بصفتهم، أو على الفقراء ثم افتقر، أو على المسلمين؛ كأن وقف كتابًا للقراءة أو نحوها، أو قدرًا للطبخ فيه، أو كيزانًا للشرب بها .. ونحو ذلك؛ فله الانتفاع معهم؛ لأنه لم يقصد نفسه، ومنها ما لو وقف على أولاد أبيه الموصوفين بكذا وذكر صفات نفسه؛ فإنه يصح (٢).

رابعًا: الحنابلة في المذهب باستثناء اشتراطه انتفاعه بوقفه:

أ) المذهب أنه لا يصح الوقف على النفس (٣)؛ لأن الوقف تمليك إما للرقبة أو المنفعة ولا يجوز له أن يملك نفسه من نفسه، كما لا يجوز له أن يبيع ماله من نفسه (٤).


(١) انظر: الحاوي الكبير، العلامة أبو الحسن الماوردي، ٧/ ٥٢٥، وفتح الوهاب بشرح منهج الطلاب، أبو يحيى زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري، ١/ ٤٤١.
(٢) انظر: إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين، أبو بكر (المشهور بالبكري) عثمان بن محمد شطا الدمياطي الشافعي، ٣/ ١٩٤.
(٣) انظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، ٧/ ١٦.
(٤) انظر: شرح منتهى الإرادات، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، ٢/ ٤٠٢، وكشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، ١٠/ ٢٠ - ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>