للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب) لكن إذا وقف على نفسه، ثم على من يصح الوقف عليه كالمساكين أو ولده ففيه روايتان (١). فيصرف الوقف في الحال إلى من بعده لأن وجود من لا يصح الوقف عليه كعدمه فيكون كأنه وقف على من بعده ابتداء، فإن لم يذكر غير نفسه فملكه بحاله ويورث عنه (٢).

ج) لا يرى المذهب جواز أن يرجع للواقف شيء من منافع الوقف، إذ صارت منافعه جميعها للموقوف عليه، وزال عن الواقف ملكه، وملك منافعه، فلم يجز أن ينتفع بشيء منها، إلا أن يكون قد وقف شيئًا للمسلمين، فيدخل في جملتهم، مثل أن يقف مسجدًا، فله أن يصلي فيه، أو مقبرة فله الدفن فيها، أو بئرًا للمسلمين، فله أن يستقي منها، أو سقاية، أو شيئًا يعم المسلمين، فيكون كأحدهم، لا نعلم في هذا كله خلافًا، وقد روي عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أنه سبّل بئر رومة، وكان دلوه فيها كدلاء المسلمين، فإذا اشترط الواقف في الوقف أن ينفق منه على نفسه، صح الوقف والشرط، نصَّ عليه أحمد استنادًا إلى حديث حجر المدري، أن في صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأكل منها أهله بالمعروف غير المنكر، ولأن عمر - رضي الله عنه - لما وقف قال: "ولا بأس على من وليها أن يأكل منها، أو يطعم صديقًا، غير متمول فيه"، وكان الوقف في يده إلى أن مات؛ ولأنه إذا وقف وقفا عامًّا، كالمساجد، والسقايات، والرباطات، والمقابر .. كان له الانتفاع به، فكذلك ها هنا (٣).


(١) انظر: المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، ٥/ ٣٥٣ - ٣٥٤.
(٢) انظر: كشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، ١٠/ ٢٠ - ٢١.
(٣) انظر: المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، ٥/ ٣٥٢، وشرح منتهى الإرادات، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، ٢/ ٤٠٣، وكشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، ١٠/ ٢٢، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، ٧/ ١٩ - ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>