للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن الشاط في المعتبر في ألفاظ الطلاق: "فإنه كما يتبدل العرف من العرف كذلك يتبدل العرف من اللغة، وإلزام العقود من الطلاق وغيره مبني على نية المتكلم أو على عرفه لا على اللغة ولا على عرف غيره هذا فيما يرجع إلى الفتوى. وأما ما يرجع إلى الحكم فأمر آخر؛ لمنازعة غيره له؛ فإنما يحكم بعرفه لا بنيته؛ لاحتمال كذبه فيما يدعيه من النية؛ فالحكم مترتب على العرف سواء كان ذلك العرف ناقلًا عن اللغة، أم عمن عرف سابق عليه ناقل عن اللغة، وعلى الجملة فالاعتبار بالاستعمال الجاري في زمن وقوع العقد؛ فإن كان لغة جرى الحكم بحسبه، وإن كان عرفًا ناسخًا لها، أو لعرف ناسخ لها فكذلك" (١).

وقال ابن نجيم: "يُحمل كلام كل عاقد وحالف وواقف على عرفه ولغته وإن خالفت لغة العرب" (٢).

ويظهر أثر ذلك في الوقف الذي وقف بلغة غير عربية، حيث لا يبقى مجال إلّا للقول بما يقتضيه عرفه اللغوي وما أراده نصًا أو بالقرينة.

[ب) دليل الخطاب عند الحنفية في ألفاظ الواقفين]

إذا كان الحنفية قد أبطلوا دليل الخطاب، وهو مفهوم المخالفة في نصوص الشريعة؛ فإنهم أبطلوه أيضًا في شروط الواقفين وألفاظهم بناء على أن نص الواقف كنص الشارع، وقد خالفهم في ذلك جمع من متأخريهم، وحققوا أن دليل الخطاب معتبر في كلام الناس. قال ابن عابدين: "وحيث كان المفهوم معتبرًا في متفاهم الناس وعرفهم وجب اعتباره في كلام الواقف أيضًا؛ لأنه يتكلم على عرفه" (٣).


(١) إدرار الشروق على أنوار الفروق، ابن النشاط، ١/ ٧٧.
(٢) البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن إبراهيم بن محمد المعروف بابن نجيم المصري، وفي آخره تكملة البحر الرائق، لمحمد بن حسين بن علي الطوري الحنفي القادري، دار الكتاب الإسلامي، بيروت، ط ٢، ٦/ ٢٢٦.
(٣) رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، ٤/ ٤٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>