للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمال الموصى به في يد الناظر أمانة عند الحنابلة، يجب عليه حفظه تحفظ الأمانات، ولا يودعه لحاجة، فإن أودعه عند من يغلب على الظن حفظه، فالحاكم العادل إن وجد أو غيره بحيث لا يكون في إيداعه تفريطا فلا ضمان عليه، وإن أودعه لخائن أو عاجز مع إمكانه أن لا يفعل فهو مفرط (١).

٥ - وعند الزيدية إذا أهمل المتولي الوقف، كأن ترك أرض اليتيم أو المسجد أو الوقف بغير زراعة، دون أن يمنع زراعتها، بل تركها لغير عذر فهو عاص ولا يضمن؛ لأنه لم يتلف عينًا ولا منفعة (٢).

ويرى الإباضية أن الناظر لا يضمن مال المسجد إن لم يقع منه عدوان، ولكن الأجير يضمن ما أفسد من مال المسجد، وجاء في شرح النيل: "من ولي نخلًا لمسجد فله أن يعطيه من يعمله بنصيب منه على وجه العدل فيه، وإن تفضَّل فقام بنفسه وماله هو أفضل له، وإن رأى دفع سهم منه بقيامه أصلح للمسجد وسعه ذلك، ومن أطنى نخلة لمسجد أو يتيم من وكيل أو محتسب فكسر شيئًا من خوصها ضمنه، وقيل: ما لا قيمة له ولا تحاسب بين الناس على مثله لا ضمان فيه على الخطأ، وسقوطه على المحتسب أقرب إذا قصد الصّلاح للمسجد أو اليتيم وإن كسر الأجير عذوق نخلة للمسجد ضمن قيمته يوم كسره" (٣).

ثانيًا: صور لما يفعله الناظر بأمر من القاضي:

١ - أمر القاضي الناظر بشيء ففعله فإنه لا يضمن؛ فقد جاء في البحر الرائق من كتب الحنفية: "إذا أمر القاضي بشيء ففعله، ثمّ تبيَّن أنه ليس بشرعي أو فيه ضرر على الوقف هل يكون القيِّم ضامنًا، قلت: قال في القنية طالب القيم أهل المحلة أن يقرض من مال المسجد للإمام فأبى فأمره القاضي به فأقرضه ثمّ مات الإمام مفلسًا لا يضمن القيم مع أن القيم ليس له إقراض مال المسجد" (٤).


(١) انظر: مختصر الفتاوى المصريّة لابن تيمية، أَبُو عبد الله بدر الدِّين مُحَمَّد بن علي بن يعلى الحنبلي البعليُّ، تحقيق: عبد المجيد سليم، دار الكتب العلمية، د ت، ٣٤٤.
(٢) انظر: التاج المذهب لأحكام المذهب، صفي الدِّين أحمد بن قاسم الصنعاني، ٣/ ٣٢٦.
(٣) شرح النيل، أطفيش، ٥/ ٢٧٥.
(٤) البحر الرائق، ابن نجيم الحنفي، ٥/ ٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>