للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين وشرط ألَّا يُعار إلا برهن؛ فهل يصح هذا الرهن أم لا؟ فأجاب: لا يصح هذا الرهن؛ لأنها غير مأمونة في يد موقوف عليه، ولا يُقال لها: عارية أيضًا، بل الآخذ لها إن كان من أهل الْوَقْف مستحقًّا للانتفاع؛ فيده عليها يد أمانة، فشرط أخذ الرهن عليها فاسد، ويكون في يد الخازن للكتب أمانة؛ لأن فاسد العقود في الضمان كصحيحها، والرهن أمانة، هذا إذا أُريد الرهن الشرعي، وأما إن أريد مدلوله لغة وأن يكون تذكرة؛ فيصح الشَّرط؛ لأنَّهُ غرض صحيح، وأما إذا لم يعلم مراد الواقف، فيحتمل أن يقال بالبطلان بالشرط؛ حملًا على المعنى الشرعي، ويحتمل أن يقال بالصحة؛ حملًا على المعنى، وهو الأقرب لصحته" (١).

وجاء عن الشافعية: "وإذا باع أو رهن الْوَقْف؛ هل يعزل ويفسق بفعله، ذلك ويقيم الحاكم الشرعي غيره؛ سواء كان من قبل الواقف أو غيره؛ فأجاب بقوله ... وإذا تعدى الناظر بنحو بيع أو رهن انعزل، ولزم الحاكم أن يولِّي غيره" (٢).

وجاء عن الحنابلة: "ولا يصح رهن ما لا يصح بيعه؛ كأم الولد، والوقف والعين المرهونة؛ لأن المقصود من الرهن استيفاء الدين من ثمنه؛ وما لا يجوز بيعه لا يمكن ذلك فيه" (٣)

وجاء عن الإمامية: "وكذلك أرض الْوَقْف لا يصح رهنها، فإن رهنها كان باطلًا، فإن كان فيها بناء نظرت: فإن كان من ترابها؛ فهو وقف، وإن كان من غير ترابها؛ فالبناء طلق والأرض وقف، وكذلك إن غُرست فيها أشجار؛ فالشجر طلق دونها، فإن رهن البناء والشجر؛ صحَّ، وإن رهنها دون الشجر والبناء؛ بَطَل، وإن رهنهما معًا؛ بطل في الأرض، وصحَّ في البناء والشجر" (٤).


(١) مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل، الحطاب، ٧/ ٦٥٤، وحاشية الدسوقي، ٤/ ٨٨.
(٢) الفتاوى الكبرى الفقهية، الهيتمي، ٣/ ٢٥٢.
(٣) انظر: المغني، ابن قدامة، ٤/ ٤١٢.
(٤) المبسوط، الطوسي، ٢/ ٢١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>