للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحيح، ومقابل الصحيح: يصح الوقف ويلغو الشرط (١)، وقال الحلي الجعفري: وإن شرط فيه (الوقف) خيارًا لنفسه أو غيره؛ بطل (٢).

واستدل هلال لذلك: "بأنه إنما اشترط الخيار في إبطاله، فلم يزُل ملكه عنه بعد الخيار الذي شرط، فإذا لم يزل ملكه كان الأصل في ملكه على حاله، وإذا كان كذلك؛ كان الوقف باطلًا، لا يجوز، ألا ترى أن رجلًا لو باع من رجل بيعًا على أنه بالخيار؛ كان المبيع في ملك البائع ما لم ينقطع خياره، وكذلك الوقف، إلا وقف بتات: لا مَثْنَوية فيه ولا رجعة، ألا ترى أن وقف السلف كلها وقوفًا بتاتًا في أصلها، وشروطهم فيها ألا تباع ولا توهب ولا تورث، وإنما يريدون بذلك أنه لا رجعة لهم فيها، فكل ما كان الوقف على وقوفهم لا مثنوية فيه، فهو جائز، وما كانت فيه الرجعة، فلا يجوز؛ لأنه خلاف وقوفهم" (٣).

واستثنى الحنفية وقف المسجد من هذا الحكم، فقالوا: لو اتخذ مسجدًا على أنه بالخيار، جاز والشرط باطل (٤).

القول الثاني: ذهب المالكية، والإباضية (٥)، وأبو يوسف من الحنفية إلى أن الوقف صحيح مطلقًا؛ أي يصح الوقف، وشرط الخيار، وقال ابن شاس المالكي: ولا يحتاج الوقف إلى شرط اللزوم، بل لا يقع إلا لازمًا، فلو قال: على أني بالخيار في الرجوع عنه، وإبطال شرطه .. لزم الوقف وبطل الشرط (٦).


(١) انظر: مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي، ٢/ ٣٨٥، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة بن شهاب الدين الرملي الشهير بالشافعي الصغير، ٥/ ٣٧٥ - ٣٧٦.
(٢) انظر: الجامع للشرائع، يحيى بن مسلم الرأي، ٨٤.
(٣) انظر: أحكام الوقف، هلال بن يحيى بن مسلم الرأي، ٨٤.
(٤) انظر: رد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين)، محمد أمين الدمشقي الحنفي المعروف بابن عابدين، ٤/ ٣٤٢.
(٥) انظر: منهج الطالبين وبلاغ الراغبين، خميس بن سعيد بن على بن مسعود الرستاقي، ١٣/ ٢٥٩.
(٦) انظر: عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة، أبو محمد جلال الدين عبد الله بن نجم بن شاس بن نزار الجذامي السعدي المالكي، ٣/ ٩٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>