للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيره، وإذا فضل، أو اقتضت المصلحة غير ذلك صرف منه إلى بقية الموقوف عليه من نفس الجهة وهكذا الأمر في الوقف على جهة الفقراء، أو المدارس، أو نحوها.

ولكن يرد سؤال آخر وهو: هل يمكن أن ينظر إلى جهات الخير كلها كأنها جهة واحدة يصرف من ريعها على الجميع حسب أولوية المصالح؟

فقد أفتى فقهاء المالكية بذلك حيث جاء في نوازل العلمي: "الأحباس كلها - إذا كانت لله - بعضها من بعض، وذلك مقتضى فتوى أبي محمد العبدوسي"، كما نقل فتاوى بهذا الشأن للبرزلي وابن الماجشون وغيرهما (١)، وجاء فيهما أيضًا: "قال أصبغ، وابن الماجشون: إن ما يقصد به وجه الله يجوز أن ينتفع ببعضه من بعض، وروى أصبغ عن ابن القاسم مثل ذلك في مقبرة قد عفت فيبني قوم عليها مسجدًا: لم أرَ به بأسًا، قال: وكذلك ما كان لله فلا بأس أن يستعان ببعضه على بعض، وقد رأى بعض المتأخرين: أن هذا القول أرجح في النظر؛ لأن استنفاد الزائد في سبيل الخير أنفع للمحبس، وأنمى لأجره" (٢).

وقال أبو محمد العبدوسي في الجواب عن جمع أحباس فاس: "يجوز جمعها، وجعلها نقطة واحدة وشيئًا واحدًا لا تعدد فيه، وأن تجمع مستفادات ذلك كله، ويقام منه ضروري كل مسجد من تلك المستفادات المجتمعة" (٣).

وجاء في المعيار المعرب: "وسئل السيد أبو عبد الله القوري رحمه الله عن إمام خطيب بالجامع الأعظم كان له ولمن قبله مدة طويلة مرتب من جزية اليهود، ثم اتفق في اليهود ما اتفق فانقطع المرتب بسبب ذلك، فهل يجري المرتب من وفر الأحباس الذي يفضل عن جميع مصالحه وقومته ومن تعلق به أم لا؟ فأجاب بما نصه: الجواب والله الموفق للصواب بمنه وفضله أن المسألة ذات خلاف في القديم والحديث، وأن


(١) انظر: نوازل العلمي، الشيخ عيسى بن علي الحسني العلمي، وزارة الأوقاف، المغرب، ط ١، ١٩٨٣ م، ٢/ ٣١٣ - ٣١٤.
(٢) انظر: المرجع السابق، ٢/ ٣٤٤ - ٣٤٥.
(٣) انظر: المرجع السابق، ٢/ ٣٤٤ - ٣٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>