للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الإمامية فإن الكلام عندهم يقع في الإجارة لمدة معلومة معروفة الابتداء والانتهاء، وهذا يتضح من استقراء مسائل عديدة منشورة في مصادرهم الفقهية المعتبرة، وعليه فإنه إذا أجر العين الموقوفة البطن الأول من الموقوف عليهم في الوقف الترتيبي، وانقرضوا قبل انقضاء مدة الإجارة؛ فإنهم يرون أن الإجارة لا تصح بالنسبة إلى بقية المدة، ومحل الشاهد من هذه المسألة أنها تبين أن الإجارة يجب أن تكون لمدة معلومة ومحددة لا مطلقة؛ سواء كانت مدة قصيرة كاليوم أو طويلة كالسنين، تبدأ من الوقت المسمى في العقد، وإلا فمن وقت العقد (١).

وأما الإباضية فلقد ورد في استفتاء وجه إلى مفتي الإباضية في عمان حول تأجير بيت لمدة أربعين عاما بأجرة ثابتة .. قوله: "لا مانع منه لأن للواقف أن يشترط في وقفه ما لا يخل بتعاليم الإسلام" (٢)، ويقول الشيخ الخليلي في موضع آخر من فتاويه عن الإجارة: إن اتفق الجانبان على إكراه المحل التجاري إلى زمن محدود فالإكراء صحيح (٣).

وأما الظاهرية فورد في كتاب الإجارات من المحلى للإمام ابن حزم قوله: "ومن الإجارات ما لابد فيه من ذكر العمل الذي يستأجر عليه فقط ولا يذكر فيه مدة كالخياطة والنسيج وركوب الدابة إلى مكان مسمَّى أو نحو ذلك، ومنها ما لابد فيه من ذكر المدة كسكني الدار وركوب الدابة ونحو ذلك، ومنه ما لابد فيه من الأمرين معًا كالخدمة ونحوها فلابد من ذكر المدة والعمل؛ لأن الإجارة بخلاف ما ذكرنا مجهولة وإذا كانت مجهولة فهي أكل مال بالباطل" (٤).


(١) انظر: مباني منهاج الصالحين، السيد تقي الطباطبائي القمي، ٩/ ٤٩٦، مسألة (٨١)، وتحرير المجلة، محمد حسين كاشف الغطاء، إشراف: محمد مهدي الآسفي، تحقيق: محمد الساعدي، قم - المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، مديرية النشر والمطبوعات، ط ١، ١٤٢٤ هـ. / ٢٠٠٤ م، ٢/ ٨٩ - ٩١.
(٢) انظر: الفتاوى، الخليلي الكتاب الرابع، ٢١٣.
(٣) انظر: المرجع السابق، الكتاب الثالث، ٢٦٤.
(٤) المحلى، ابن حزم الظاهري، مسألة (١٢٨٨)، ٧/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>