للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اختلف الفقهاء في اعتبار المعاطاة في الوقف على أقوال:

القول الأول: ذهب المالكية، وهو اختيار ابن تيمية من الحنابلة، والإمامية في قول. . إلى أن العقود في غير الزواج من العقود - كالوقف تنعقد بالمعاطاة؛ لأن الناس تعارفوا التعاقد بذلك، وهي تدل دلالة ظاهرة على الرضا بالعقد (١).

القول الثاني: ذهب الشافعية، والزيدية، والإباضية، والإمامية في قول. . إلى أن الوقف لا ينعقد بالمعاطاة؛ لعدم دلالتها على التعاقد؛ ولأن الأصل في الصيغة أن تكون بالألفاظ لوضوح دلالتها (٢).

قال الشماخي: "ولا يتم هذا كله بقلب دون لفظ، ولا الجوارح كلها غير اللسان كما ذكرنا" (٣).

القول الثالث: ذهب الحنفية، والحنابلة إلى أنه يجوز الوقف بالمعاطاة إذا جرت به العادة. فقال ابن نجيم: "الوقف على الفقراء لم تجر عادة فيه بالتخلية والإذن بالاستغلال، ولو جرت به في عرف اكتفينا بذلك" (٤)، وقال ابن قدامة في تعليقه على ما نقله من صحة البيع والهبة والهدية بالمعاطاة: "أما الوقف على المساكين فلم تجر به عادة بغير لفظ، ولو كان شيء جرت به العادة أو دلت الحال عليه كان كمسألتنا" (٥).


(١) انظر: بلغة السالك لأقرب المسالك (حاشية الصاوي)، أبو العباس أحمد بن محمد الخلوتي الشهير بالصاوي المالكي، ٤/ ١٠٤، والقواعد النوارنية الفقهية، أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني، دار المعرفة، بيروت، ١٣٩٩ هـ، ١١٣ - ١١٤، والعروة الوثقى، السيّد محمد كاظم اليزدي، ٣/ ١٨٥.
(٢) انظر: المجموع شرح المهذب، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي، ٩/ ١٦٢، وتحفة المحتاج في شرح المنهاج، أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي، ٦/ ٢٤٨، والإيضاح، عامر بن علي الشماخي، ٥/ ٢٠١، وجامع المقاصد في شرح القواعد، علي بن الحسين الكركي، ٤/ ٥٧، والبحر الزخار الجامع لمذاهب الأمصار، أحمد بن يحيى بن المرتضي، ٤/ ٢٩٧ و ٥/ ١٥٠، والعروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي، ٢/ ١٨٥.
(٣) الإيضاح، عامر بن علي الشماخي، ٥/ ٢٠١.
(٤) البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن إبراهيم بن محمد المعروف بابن نجيم المصري، ٥/ ٢٩٦.
(٥) المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، ٨/ ١٩٠ - ١٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>