للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وموضعًا، وإذا احتيج إلى تأجيرها مدة طويلة عقد عقودًا مترادفة؛ فيكون الأول لازمًا لأنه ناجز، والثاني غير لازم لأنه مضاف، وقال أبو جعفر: الفتوى بإبطال الإجارة الطويلة ولو بعقود انتهى؛ لأن المدة إذا طالت تؤدي إلى إبطال الوقف، فإن من رآه يتصرف فيه تصرف الملاك على طول الزمان يزعمه مالكًا، فإذا ادعاه شهد له بالملك، وجمع بين القول بالتوقيت وعدم التوقيت بأنه إذا كانت المصلحة الزيادة أو النقص اتبعت، وهو توفيق حسن، وقيل: إذا لم يمكن عمارة الوقف إلا بإجارته مدة طويلة رُفع الأمر إلى الحاكم ليؤجره بقدر عمارته، وقال محمد بن الفضل: لا نقول بفساد هذه الإجارة إذا أجر مدة طويلة، ولكن الحاكم بتصرفه؛ فإن كان يضر بالوقف أبطلها، وهكذا قال علي السندي.

وإذا اشترط الواقف مدة فليس للناظر مخالفتها من جهة نقصها أو الزيادة عنها، بل يُرفع الأمر إلى الحاكم لينظر فيما هو أصلح للوقف وأنفع للموقوف عليه؛ لأن القاضي له ولاية النظر للفقراء والغائب والميت.

فإن كان الواقف ذكر في صك الوقف ألا يؤجر أكثر من سنة إلا إذا كان ذلك أنفع للفقراء؛ كان للقيم أن يؤجرها بنفسه أكثر من سنة إذا رأى ذلك خيرًا، ولا يحتاج إلى مرافعة إلى القاضي؛ لأن الواقف أذن له بذلك.

ويعدُّ فقهاء الحنفية هم أكثر من فصلوا في بيان هذه المسألة؛

١) فقد جاء في تنوير الأبصار وشرحه "الدر المختار" ما نصه: "فلو أهمل الواقف مدتها (أي إجارة الوقف) قيل: تُطلَق الزيادة للقيم، وقيل: تقيَّد بسنة مطلقًا، وبها (أي بالسنة) يُفتى في الدار، وبثلاث سنين في الأرض، إلا إذا كانت المصلحة بخلاف ذلك، وهذا مما يختلف زمانًا وموضعًا وفي البزازية لو احتيح لذلك يعقد عقودًا، فيكون العقد الأول لازمًا، لأنه ناجز، والثاني: لا؛ لأنه مضاف، قلت "القائل صاحب الدر المختار": لكن قال أبو جعفر: الفتوى على

<<  <  ج: ص:  >  >>