للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول: "إن المكتري لا يكلف إصلاح ما اكتراه عندما تعرض له عوارض خارجة عن ممارسته، قد تؤدي إلى تحوُّل العين المكتراة عن طبعها، وعدم صلاحها للغرض الذي اكتريت من أجله، بل إن للمكتري أن يرجع إلى المُكري فيما دفعه إليه من الكروة إن تعذَّر انتفاعه بالعين المكتراة بسبب ما طرأ عليها مما هو خارج عن تسببات المكتري؛ سواء كان هذا الرجوع بالفسخ الذي يطرأ على العقد تلقائيًا بسبب هذه العوارض، أم كان ذلك بما للمكتري من حق الخيار بسببها" (١).

القول الثاني: يرى أن المستأجر يملك الكل:

وهو قول لبعض الشافعية: فإذا كان المستأجر مأذونًا في الزيادة سواء من الناظر أو الحاكم الشرعي؛ فإن الزيادة تكون من حقه، إلا إذا اختلطت بمال الوقف وتعذر تمييزها؛ فإنها تصير شركة بينهما.

وإذا كان المستأجر غير مأذون في الزيادة فإن الزيادة تبقى على ملك المستأجر؛ سواء كانت مميزة أم مبنية في الوقف مختلطة بأنقاضه، ولذا فإذا طلب المستأجر أخذ أنقاضه المختلطة بمال الوقف والتي يتعذر تمييزها عنه؛ فالبعض يرى أنه يجاب طلبه إلى الهدم، ثمّ يجتهد في الأنقاض القديمة والحادثة، ويميزها عن بعضها البعض، ويأخذ أنقاضه ويغرم أرش الهدم، ويرى آخرون أنه لا يجاب إلى طلب الهدم، ويجبر على تعيين قيمة الأنقاضه؛ سواء قيمة مسماة أو قيمة المثل، ويأخذها من غلَّة الوقف؛ صيانة للوقف من الهدم، ويرى البعض الآخر منهم أنه يملك المستأجر الكل؛ فله أخذه وله هدمه، بل يجبر عليه ما لم يتركه لجهة الوقف؛ إذ يلزم ناظره بقبوله منه، ثمّ يغرم للوقف بدل أنقاضه؛ بمثلٍ إذا كان شيئًا مثليًا، أو بقيمةٍ إذا كان من الأشياء المتقومة، وإن هدمها لزمه أرش الهدم، ويقوم الناظر بالاستفادة من هذه الأموال في بناء مثل المهدوم، وتلزمه أيضًا الأجرة لمدة بقاء ملكه في أرض الوقف؛ لأنه بتعذُّر التمييز مَلَكَ الكل.

أما إذا طلب المستأجر أخذ أنقاضه في حال عدم تعذر التمييز فيجاب إلى طلبه، وإن أدى إلى الهدم؛ لأن البناء من فعله، وبالتالي فإنه لم يفوت بالهدم شيئًا مملوكًا للوقف، إلا أنه يلزمه ما نقص من قيمة أنقاض الوقف وأرضه باستعمالها في البناء ثمّ الهدم؛ إذ إنّه متعدٍّ بذلك (٢).


(١) الفتاوي الخليلي، ٣/ ٢٥٤.
(٢) انظر: الفتاوى الكبرى الفقهية، ابن حجر الهيتمي الشافعي، ٣/ ١٥٨ - ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>