وقال العاملي في سياق الاستدلال لهذا القول: "وجه الصحة أنه أتى - أي الواقف - بالوقف والشرط، فإذا بطل أحدهما لا يبطل الآخر" (١)؛ لعدم التلازم بينهما.
وينبغي التنويه إلى أن الوقف يجوز في هذه الحالة عند محمد إذا اشترط الواقف عند إنشاء الوقف الاستبدال، وأما إذا اكتفى باشتراط بيع الوقف ولم يشترط الاستبدال بثمنه فالوقف يكون باطلًا عند الحنفية.
يشير إلى ذلك قول الكمال بن الهمام: "لو قال على أن أبيعها بقليل أو كثير ... نص هلال على فساد الوقف كأنه قال على أن أبطلها" (٢).
وقول ابن عابدين: "قوله ولا ذكر معه اشتراط بيعه .. إلخ، في الخصاف لو قال: على أن لي إخراجها من الوقف إلى غيره ... وأخرجها عن الوقف بطل الوقف" (٣)، وقال: "شرط البيع فقط يفسد الوقف، كما مر أول الباب" (٤).
القول الثالث: يرى أنه لا يجوز للواقف أن يشترط في وقفه بيع الوقف وشراء غيره مكانه، لكن إن وقع مثل هذا الشرط ونزل، عمل به، وبهذا قال المالكية.
وذكر الحطاب في تعليقه على عبارة خليل "واتبع شرطه إن جاز": مفهوم قوله "إن جاز": أنه إن شرط ما لا يجوز لا يتبع، وهذا - والله أعلم - إذا شرط شيئًا متفقًا على منعه، وإلا فقد نص في النوادر والمتيطية وغيرهما أنه إذا شرط في وقفه: إن وجد فيه ثمن رغبة بيع واشتري غيره؛ أنه لا يجوز له ذلك، فإن وقع ونزل مضى وعمل بشرطه (٥).
(١) انظر: مفتاح الكرامة، العاملي، ٩/ ٩٤.
(٢) فتح القدير، ابن الهمام، ٦/ ٢٢٩.
(٣) رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، ٤/ ٣٤٢.
(٤) المرجع السابق، ٤/ ٣٨٥.
(٥) انظر: مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الطرابلسي، المعروف بالحطاب الرُّعيني المالكي، نشر دار الفكر، ط ٣، ١٤١٢ هـ./ ١٩٩٢ م، ٦/ ٣٣.