للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧ - إذا احتاج الوقف بيع بعضه لإصلاح الباقي، فيجوز بيعه لذلك، وهذا ما ذهب إليه الحنابلة، ووافقهم الحنفية على ذلك في بيع ما انهدم من بناء الوقف وآلته.

يقول ابن قدامة: "الوقف إذا خرب، وتعطلت منافعه ... أو تشعب جميعه فلم تمكن عمارته ولا عمارة بعضه إلا ببيع بعضه، جاز بيع بعضه لتعمر به بقيته" (١).

ويقول المرغيناني في الهداية: "وما انهدم من بناء الوقف وآلته صرفه الحاكم في عمارة الوقف إن احتاج إليه، وإن استغني عنه أمسكه حتى يحتاج إلى عمارته فيصرفه فيهما؛ لأنه لابد من العمارة ليبقى على التأبيد فيحصل مقصود الواقف" (٢).

أما بيع بعض أرض الوقف لإصلاح ما خرب من الباقي بثمن ما بيع، فليس للقيم ولا لغيره ذلك عند الحنفية (٣).

٨ - يستبدل الوقف ولو كان غير خرب للمصلحة العامة التي لا مناص منها؛ كتوسيع لمسجد، أو بناء لقنطرة، أو مقبرة، أو توسعة الطريق ونحو ذلك، وإن امتنع صاحب الحبس عن البيع، أجبر على ذلك، ويشترى بثمن الحبس ما يجعل حبسًا كالأول، وهذا ما ذهب إليه الحنفية، والمالكية.

يقول ابن الهمام: "ولو ضاق المسجد وبجنبه أرض وقف عليه أو حانوت جاز أن يؤخذ ويدخل فيه ... يعني إذا احتاجوا إلى ذلك، ولأهل المسجد أن يجعلوا الرحبة مسجدا، وكذا على القلب ويحولوا الباب أو يحدثوا له بابا آخر ... إلا أن قوله وعلى القلب يقتضي جعل المسجد رحبة، وفيه نظر" (٤).

ويقول ابن عابدين: "وإن أراد أهل المحلة أن يجعلوا شيئًا من المسجد طريقا للمسلمين فقد قيل: ليس لهم ذلك، وإنه صحيح، ثم نقل عن العتَّابيّة عن خُواهر زاده: إذا كان الطريق ضيقًا والمسجد واسعًا لا يحتاجون إلى بعضه تجوز الزيادة في الطريق من المسجد؛ لأن


(١) المغني، ابن قدامة، ٦/ ٢٨، انظر أيضًا: الفروع، ابن مفلح، ٤/ ٦٢٥، وكشاف القناع، البهوتي، ٤/ ٢٩٣، وشرح منتهى الإرادات، البهوتي، ٢/ ٤٢٦.
(٢) الهداية شرح بداية المبتدي، المرغيناني، ٦/ ٢٢٤.
(٣) انظر: الفتاوي الهندية، مجموعة من علماء الهند، ٢/ ٤١٧.
(٤) فتح القدير، ابن الهمام، ٦/ ٢٣٥ - ٢٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>