للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحالات انتهاء الوقف على خلاف الأصل المستقر عند جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة في المذهب، وهو تأبيد الوقف؛ خلافًا للمالكية والحنابلة في وجه القائلين بجواز كون الوقف مؤقتًا وسيأتي تفصيله، وقد جاءت حالات انتهاء الوقف استثناء عن هذا الأصل، وهو رأي لبعض الفقهاء على ما سيأتي بيانه.

وقد عرَّفه الشيخ عبد الوهاب خلاف هذه الحالة الاستثنائية بقوله: "زوال الوقف، وذهاب آثاره فالعين التي ينتهي وقفها لا تبقى محبوسة عن تملكها، ولا عن التصرف فيها بتصرف التمليك، ولا يبقى ريعها حقًّا لمن كانت وقفًا عليه، بل تصبح العين الموقوفة ملكًا خالصًا، ومحلًا لجميع التصرفات التمليكية وريعها لمالكها" (١).

ويتنوع انتهاء الوقف إلى نوعين؛ الأول منهما: أن يكون الانتهاء تلقائيًا، أي من ذاته، دون فعل فاعل، أو تدخل من أحد من الناس، وأما النوع الثاني: فهو أن يكون الانتهاء بإرادة الواقف، أو من له الولاية على الوقف كالقاضي (٢).

هذا، ومن صور انتهاء الوقف انقطاعه، وهو لغة: مأخوذ من قطع، وهو في الأصل يدل على صرم، وإبانة شيء عن شيء (٣)، والعلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي أن صيرورة الوقف إلى عدم وجود مصرفه المخصص له، قطع له عن تأديته لمقصده الذي شرع من أجله.

وانقطاع الوقف فقهًا يعني: عدم وجود مصرفه المعين في حجة الوقف مع بقاء العين الموقوفة وقفًا كما أنشأ الواقف، وبذلك يختلف الانتهاء من الانقطاع، فالوقف المنتهي يزول ويعود الموقوف ملكًا، وهو انتهاء للوقف باعتبار ملكية عين الوقف، في حين أن الوقف المنقطع باقٍ، ولكن لا يوجد مصرفه المعين بشرط الواقف (٤)، وهو انتهاء الوقف باعتبار مصرفه.


(١) أحكام الوقف، عبد الوهاب خلاف، مطبعة النصر، القاهرة، ط ١، ١٩٥٣ م، ١١٤.
(٢) انظر: المرجع السابق، ١٤٤.
(٣) انظر: معجم مقاييس اللغة، أبو الحسين أحمد بن فارس، ٨٦٢، والمصباح المنير، الفيومي ٢/ ٦٩٨، والقاموس المحيط، الفيروزآبادي، ١٤٢٣.
(٤) انظر: أحكام الوقف، عبد الوهاب خلاف، ١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>