للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحنابلة: إن الوقف إذا خرب وتعطلت منافعه، كدار انهدمت، أو أرض خربت، وعادت مواتًا، ولم تمكن عمارتها، أو مسجد انتقل أهل القرية عنه، وصار في موضع لا يصلى فيه، أو ضاق بأهله، ولم يمكن توسيعه في موضعه أو تشعب جميعه، فلم تمكن عمارته، ولا عمارة بعضه إلا ببيع بعضه جاز بيع بعضه لتعمر به بقيته، وإن لم يمكن الانتفاع بشيء منه بيع جميعه (١).

وقال الظاهرية (٢): إنه لا يجوز انتهاء الوقف بتخريبه.

وقال الحلي من الإمامية: "إذا وقف مسجدًا فخرب، أو خربت القرية أو المحلة لم يعد إلى ملك الواقف، ولا تخرج العرصة (الساحة) عن الوقف" (٣)، فهو يقتضي بقاء عرصة المسجد الموقوف مسجدًا، ولا يجوز بيع الوقف، فلا تخرج أرض الوقف عن الوقف، فالمسجد يظل مسجدًا والأرض التي بني عليها الدار تبقى وقفًا، لإمكان الانتفاع بالإجارة؛ أي إجارة الأرض، وقيل: يجوز بيع النخلة الموقوفة لو انقلعت، وقيل: لا يجوز؛ لإمكان الانتفاع بإجارة جذع النخلة للتسقيف وشبهه، وهو أشبه.

واستدل أصحاب هذا الرأي بالأدلة الآتية:

١ - قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يباع أصلها، ولا تبتاع ولا توهب، ولا تورث" (٤).

وجه الدلالة: نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيعها، وعدم هبتها، وميراثها نص في بقائها وقفًا في كل حال؛ سواء أكانت عامرة أم خاربة؛ بدلالة العموم في: (أصلها)، فهو مفرد مضاف، فيعم كل أصل باقٍ، ولا دليل لتخصيص هذا العموم.

٢ - بما روي: أن عمر - رضي الله عنه - كتب إلى سعد بن أبي وقاص، لما بلغه أنه قد نُقب بيت المال الذي بالكوفة: انقل المسجد الذي بالتمارين، واجعل بيت المال في قبلة


(١) انظر: المغني، ابن قدامة، ٦/ ٢٨.
(٢) انظر: المحلى، ابن حزم، ١٤٢.
(٣) شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام، أبو القاسم جعفر بن الحسن الحلي، مطبعة الآداب، النجف الأشرف، ط ١، ١٣٨٩ هـ/ ١٩٦٩ م، ٢/ ٢٢٠.
(٤) المغني، ابن قدامة، ٦/ ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>