للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحل الخاص عند تعذره؛ لأن مراعاته مع تعذره تفضي إلى فوات الانتفاع بالكلية، وهكذا الوقف المعطل المنافع (١).

٩ - ولأن ما لا يجوز بيعه مع بقاء منافعه لا يجوز بيعه مع بقاء تعطلها؛ كالمعتق، والمسجد أشبه الأشياء بالمعتق (٢).

القول الثاني: أن الوقف المتخرب الذي تعطلت منافعه، وليس له من الغلة ما يعمر به، ينتهي مطلقًا؛ سواء كان مسجدًا أم غيره، فيرجع إلى الواقف أو ورثته، وإليه ذهب الإباضية (٣)، ومحمد بن الحسن من الحنفية (٤):

فإذا خربت الدار وانهدمت، وكذا الأرض إذا خربت وعادت مواتًا، ولا يمكن عمارتها، وكذا المسجد إذا انصرف أهل القرية عنه، وصار في موضع لا يصلى فيه، أو ضاق بأهله، ولا يمكن توسيعه في موضع، أو تشعب جميعه، فلا يمكن عمارته ولا عمارة بعضه إلا ببيع بعضه لعمارة بقيته، أو لا يمكن الانتفاع بشيء منه، فيباع جميعه.

قال ابن أطفيش: " (وإن عين) مسجدًا (قصد به) ما عين، (إلا إن خرب)؛ أي: هدم، ولا يرجى له بناء، أو تُرك عمارته، (أو منع من وصوله)؛ للبعد أو لقطع الطريق أو المضرة؛ كحمى لازمة للموضع في كل وقت؛ لتعطل منفعته؛ لأن المساجد لله في حال بقائها" (٥).

وجاء عند الحنفية: "وترجع إلى المالك أو إلى ورثته في رأي محمد بن الحسن إذا خرجت من الانتفاع المقصود للواقف بالكلية، والفتوى على قول محمد بن الحسن" (٦)، "وترجع إلى المالك في رأي محمد بن الحسن، والفتوى أن أنقاضهما تباع وتُنقل إلى رباط أو بئر آخر؛ لأن غرض الواقف انتفاع الناس بالموقوف؛ ولئلا يأخذها المتغلبون" (٧).


(١) انظر: المغني، ابن قدامة، ٦/ ٢٩.
(٢) انظر: المرجع السابق، ٦/ ٢٩.
(٣) انظر: النيل وشفاء العليل، محمد بن أطفيش، دار الإرشاد، جدة - المملكة العربية السعودية ودار الفتح، بيروت - لبنان ط ٢، ١٩٧٢ م، ١٢/ ٤٦٤.
(٤) انظر: حاشية ابن عابدين، ابن عابدين، ٤/ ٣٥٨ - ٣٥٩، وبدائع الصنائع، الكاساني، ٦/ ٢٢٠.
(٥) انظر: النيل وشفاء العليل، محمد بن أطفيش، ١٢/ ٤٦٤.
(٦) حاشية ابن عابدين، ابن عابدين، ٤/ ٣٥٨ - ٣٥٩، وبدائع الصنائع، الكاساني، ٦/ ٢٢٠.
(٧) حاشية ابن عابدين، ابن عابدين، ٤/ ٣٥٨ - ٣٥٩، وبدائع الصنائع، الكاساني، ٦/ ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>