للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالة الثالثة: وردت لدى المؤيد بالله من الزيدية وأبي يوسف من الحنفية (١)؛ يصير فيها الوقف المنتهي ملكًا للواقف إن كان حيًا، وإلى ورثته إن كان ميتًا، فإن عدم الورثة؛ فيصرف إلى الخيرات؛ لأن القصد من الوقف هو الثواب، وصرف الوقف إلى جهات الخير؛ كالفقراء وطلاب العلم والمساجد والقناطر .. يحقق مقصود الواقف لمستحقه وقت الحكم بانتهائه.

والأصل عند المالكية أنه لا يجوز بيع الحبس، ولو صار خربًا، لكنهم يستثنون من حاجة المسجد الذي بجوار الحبس إلى التوسعة، فيجوز ذلك، ومثله توسعة طريق المسلمين ومقبرتهم.

واستدلوا بأنه قد أُدخلت دور محبوسة في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، واختلفوا: هل ذلك في كل مسجد؟ قال ابن رشد: ظاهر سماع ابن القاسم أن ذلك جائز في كل مسجد كقول سحنون، وفي النوادر عن مالك والأخوين وأصبغ وابن عبد الحكم أن ذلك إنَّما يجوز في مساجد الجوامع إن احتيج إلى ذلك، لا في مساجد الجماعات؛ إذ ليست الضرورة فيها كالجوامع، قال خليل: "وإن خرب ونقض ولو بغير خرب، إلا لتوسيع؛ كمسجد، ولو جبرًا، وأمروا بجعل ثمنه لغيره" (٢).

وعند الشافعية: لو انهدم مسجد وتعذرت إعادته لم يبع بحال؛ لإمكان الانتفاع به حالًا بالصلاة في أرضه، نعم .. لو خيف على نقضه نُقض وحُفظ؛ ليعمَّر به مسجدًا آخر إن رآه الحاكم، والمسجد الأقرب أولى، وإن توقع عوده حفظ له، وإلا فإن أمكن صرفه إلى مسجد آخر صُرف إليه، وإلا فمنقطع الآخر فيُصرف لأقرب الناس إلى الواقف، فإن لم يكونوا صُرف إلى الفقراء والمساكين أو مصالح المسلمين (٣).


(١) انظر: البحر الزخار، ابن المرتضى، ٥/ ١٥٨، لسان الحكام في معرفة الأحكام، لسان الدين أبو الوليد أحمد بن محمد بن محمد بن الشِّحنَة الثقفي، ٢٩٦.
(٢) أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك، أبو بكر بن حسن بن عبد الله الكشناوي، دار الفكر، بيروت - لبنان، طـ ٢، ٣/ ١٠٥، والتاج والإكليل لمختصر خليل، أبو عبد الله محمد بن يوسف بن أبي القاسم بن يوسف العبدري الغرناطي المواق المالكي، دار الفكر، بيروت، ط ٢، ١٩٨٧ م، ٧/ ٦٦٣، ومنح الجليل على مختصر خليل، محمد بن أحمد بن محمد عليش، مكتبة النجاح، ليبيا، ٨/ ١٥٥.
(٣) انظر: المجموع شرح المهذب، النووي، ١٥/ ٣٦١، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة شهاب الدين الرملي، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ٥/ ٣٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>