للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند المالكية: فللقاضي أن يبيعه ويشتري بثمنه غيره، وليس ذلك إلا للقاضي (١)، قال ابن رشد: "إن كانت القطعة من الأرض المحبسة انقطعت منفعتها جملة، وعجز عن عمارتها وكرائها، فلا بأس بالمعارضة فيها بمكان يكون حبسًا مكانها، ويكون ذلك بحكم من القاضي بعد ثبوت ذلك السبب والغبطة في ذلك" (٢)، وعند الحنابلة: يبيع الوقف حاكم، إن كان الوقف على سبل الخيرات: كالمساكين والمساجد والقناطر ونحوها؛ لأنه فسخ العقد لازم مختلف فيه اختلافًا قويًا، فتوقف على الحاكم كما قيل في الفسوخ المختلف فيها، وإن كان الوقف على شخص معين، أو جماعة معينين، أو من يؤم أو يؤذن في هذا المسجد ونحوه، فيبيعه ناظره الخاص إن كان والأحوط إذن حاكم؛ لعموم ولايته" (٣).

وعند الإباضية: فإن الوقف للمساجد والمساكين وابن السبيل، فيكون أمر ذلك إلى الحاكم دون الأوصياء، إلا أن يكون الموصي جعل ذلك في أيدي الأوصياء (٤).

فالاستبدال لا يصح إلا بإذن من القاضي عند جمهور الفقهاء؛ لأن القاضي هو الذي يقدر الحاجة؛ إلا إذا كان قد شرط الواقف للناظر حق الاستبدال؛ فإنه يجوز بمقتضى المذهب الحنفي، ولكن للقاضي الرقابة على عملية الاستبدال (٥).

وحتى في إيجار الوقف وغيره، فالأمر يرجع للقاضي، وإن خالف إرادة الواقف فيما يعود على الوقف بالنفع؛ لأن: "نظر القاضي أعلى، والواقف إنما يختار ما فيه المصلحة للوقف، ولا يظن به أنه يكرهها، والوقف قد خرج عن ملكه، وللحاكم الولاية


(١) انظر: حاشية ابن عابدين، ابن عابدين، ٤/ ٣٧٦.
(٢) انظر: التاج والإكليل (مع مواهب الجليل، الحطاب)، المواق، ٦/ ٤٢.
(٣) كشاف القناع، البهوتي، ٤/ ٢٩٥.
(٤) انظر: منهج الطالبين وبلاغ الراغبين، خميس بن سعيد بن على بن مسعود الرستاقي، نشر وزارة التراث القومي والثقافة، عُمان، مطبعة عيسى الحلبي، القاهرة، ٧/ ٦٧.
(٥) انظر: محاضرات في الوقف، محمد أبو زهرة، دار الفكر العربي، القاهرة، ١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>