للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - ولأن لفظ التسبيل ثبت له عرف الاستعمال في الوقف بين الناس، وانضم إلى ذلك عرف الشرع، فيعتبر صريحًا في الوقف (١).

القول الثاني: ذهب الشافعية في القول المقابل للصحيح، وهو قول الاطخري منهم، والحارثي من الحنابلة، وبعض فقهاء الإمامية والزيدية في نقل الريمي (٢) .. إلى أن لفظ التسبيل يعتبر من ألفاظ الكناية في الوقف، لا الألفاظ الصريحة، فلا يكون في معنى الوقف إلا إذا انضم إليه أمر آخر من قرينة أو نية (٣)؛ فالأصل في السبيل: الطريق، والحجة، والصراط المستقيم.

واستدلوا لذلك بما يأتي:

١ - ما رُوي في حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "احبس أصلها، وسبّل ثمرها" (٤).

قالوا: قد غاير بين معنى التحبيس والتسبيل، فامتنع كون أحدهما صريحًا في الآخر، وقد علم كون الوقف هو الإمساك في الرقبة عن أسباب التمليكات، والتسبيل إطلاق التمليك؛ فكيف يكون صريحا في الوقف؟ (٥)


(١) انظر: المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، ٥/ ٦٠٢.
(٢) انظر: المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة، محمد بن عبد الله بن أبي بكر الصردفي الريمي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١، ١٤١٩ هـ. / ١٩٩٩ م، ٢/ ١١٦.
(٣) عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة، أبو محمد جلال الدين عبد الله بن نجم بن شاس بن نزار الجذامي السعدي المالكي، ٣/ ٩٦٥، ونهاية المطلب في دراية المذهب، أبو المعالي ركن الدين عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني الملقب بإمام الحرمين، ٨/ ٣٤٢، ومغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي، ٢/ ٣٨٢، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، ٧/ ٥، والحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، يوسف البحراني، ٢٢/ ١٢٦، والمختصر النافع في فقه الإمامية، أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الحلى، ١٨٠.
(٤) المجتبى من السنن المعروف بسنن النسائي، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، ط ٢، ١٤٠٦ هـ/ ١٩٨٦ م رقم (٣٦٠٣) ٦/ ٢٣٢.
(٥) انظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، ٧/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>