للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اختلف الفقهاء في صحة الوقف بصيغة معلقة على شرط، تبعًا لاختلافهم في شرط التنجيز في صيغة الوقف:

القول الأول: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والشافعية، والزيدية، والإمامية، والحنابلة في المذهب (١) إلى أن الوقف بصيغة معلقة على شرط لا يصح؛ لأنه علّق حصول الوقف على وجود شيء آخر، وهو قدوم أخيه من السفر.

قال الطرابلسي الحنفي: "لو قال: إذا كلمت فلانًا، أو إذا تزوجت فلانة، وما أشبهه، فأرضي هذه صدقة موقوفة، يكون الوقف باطلًا" (٢)، وقال البهوتي الحنبلي: (فإن علقه) أي الوقف (بشرط غير موته؛ لم يصح) الوقف، سواء كان التعليق الابتدائه: إذا قدم زيد أو وُلد لي ولد، أو جاء رمضان .. فداري وقف على كذا، أو كان التعليق لانتهائه؛ كقوله داري وقف على كذا إلى أن يحضر زيد أو يولد لي ولد ونحوه" (٣).

واستدلوا لذلك: بأن الوقف مما لا يحلّف به، فلا يصح تعليقه كما لا يصح تعليق الهبة (٤)، وبأن الوقف نقل للملك فيما لم يبن على التغليب والسراية، فلم يجز تعليقه بشرط في الحياة كالهبة، وبأن تعليق الوقف يتضمن الجهالة، فلا يصح قياسًا على البيع (٥).


(١) انظر: الإسعاف في أحكام الأوقاف، برهان الدين إبراهيم بن موسى بن أبي بكر الطرابلسي، ٣٠، ورد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين)، محمد أمين الدمشقي الحنفي المعروف بابن عابدين، ٤/ ٣٤١، والمهذب في فقه الإمام الشافعي، أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي، ١/ ٤٤١، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، ٧/ ٢٣، والبحر الزخار الجامع لمذاهب الأمصار، أحمد بن يحيى بن المرتضى، ٥/ ١٥٢، والحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، يوسف البحراني، ٢٢/ ١٣٠ - ١٣١، وشرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام، أبو القاسم جعفر بن الحسن الحلى، ٢/ ٢١٦.
(٢) الإسعاف في أحكام الأوقاف، برهان الدين إبراهيم بن موسى بن أبي بكر الطرابلسي، ٣٠.
(٣) انظر: كشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، ٤/ ٢٥٠.
(٤) انظر: الإسعاف في أحكام الأوقاف، برهان الدين إبراهيم بن يوسف بن أبي بكر الطرابلسي، ٣٠.
(٥) انظر: كشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، ٤/ ٢٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>