للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الإمامية: "ولا يصح وقف المكره، وإجازته بعد زوال عذره كإجازة المالك وقف الفضولي على إشكال، والراجح عندهم عدم صحة وقف المكره مطلقًا؛ أي لا يصح حتَّى بعد زوال الإكراه؛ فقد نصوا على أن وقف الفضولي لا يصح، وإن أجاز المالك" (١)، وقال الحكيم: "ولو وقف المالك مكرهًا لم ينفذ وقفه برضاه بعد ذلك" (٢).

القول الثاني: أن تصرفات المكره قولًا منعقدة، إلا ما يحتمل الفسخ منه؛ كالبيع والإجارة، أما ما لا يحتمل الفسخ منه كالطلاق والنكاح والعتاق فهو لازم (٣)، وهذا مذهب الحنفية، قال الزيلعي: فلو أُكره على بيع أو شراء أو إقرار أو إجارة بقتل أو ضرب شديد أو حبس مديد؛ خُيِّر بين أن يمضي البيع أو يفسخ؛ لأن الإكراه الملجئ وغير الملجئ يعدمان الرضا، والرضا شرط لصحة هذه العقود؛ قال الله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (٤)، فتفسد عند فوات الرضا (٥).

وألحق علي حيدر الْوَقْف بالتصرفات القولية التي تحتمل الفسخ؛ حيث ذكر أنه لا يعتبر البيع الذي وقع بإكراهٍ معتبر، ولا الشراء ولا الإيجار ولا الاستئجار ولا الهبة ولا الصدقة ولا الفراغ (أي فراغ الأراضي الأميرية والأراضي التي يتصرف بها بالإجارتين من المستغلات)، ولا الصلح ولا الإقرار بالمال والإقرار بالعقد والإقرار بالطلاق والإقرار بالرضاع، والإبراء عن مال (أي الإبراء عن الحقوق)، ولا تأجيل الدين ولا إسقاط الشفعة، ولا قبول الكفالة والوقف والرهن، ولا يكون لازمًا؛ أي يكون منعقدًا ونافذًا وقابلًا للفسخ، فجاء في مجلة الأحكام العدلية: "والمكره إذا


(١) تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية، الحسن بن يوسف بن علي المطّهر المعروف بالحلي، ٣/ ٢٩٥ - ٢٩٦.
(٢) منهاج الصالحين، السيد محسن الطباطبائي الحكيم، وبهامشه التعليق عليه للسيد محمد باقر الصدر، ٢/ ٣٠٥.
(٣) انظر: المبسوط، محمد بن أحمد بن أبي سهل شمس الأئمة السرخسي، ٢٤/ ٥٦.
(٤) سورة النساء، آية ٢٩.
(٥) انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ، فخر الدين عثمان بن علي بن محجن البارعي الزيلعي الحنفي، الحاشية: شهاب الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن يونس بن إسماعيل بن يونس الشِّلْبيُّ، ٥/ ١٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>