للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدونها مباح؛ حتى يصح من الكافر؛ كالعتق والنكاح" (١)، وعلّل البغوي صحة وقفه وإن لم يعتقده قرية اعتبارًا باعتقادنا، كما يصح منه بيع الشحم وإن اعتقد منعه (٢)، وذكر عبد الأعلى الموسوي من الإمامية أنه: لا يعتبر في الواقف أن يكون مسلمًا، فيصح وقف الكافر فيما يصح من المسلم على الأقوى؛ للإطلاق وظهور الاتفاق، وأصالة عدم الاشتراط بعد صدق الوقف عليه، وكذا فيما يصح على مذهبه؛ تقريرًا لهم على مذهبهم، وأما الإشكال على الصحة بأن الوقف متقوم بقصد القرية، وهو لا يحصل من الكافر؛ لعدم اعتقاده بالله تعالى .. فممنوع؛ لأن كثيرًا من الكفار يعتقدون بالله تعالى إجمالًا، وإنما أخطؤوا في طريق معرفته وعبوديته، ويدل عليه قوله تعالى: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (٣) (٤).

القول الثاني: يشترط لصحة الوقف أن يكون الواقف مسلمًا، وهو قول الزيدية؛ إذ من شروط الوقف عندهم القربة، فلا يصح وقف الكافر (٥)، وذكر ابن قاضي شهبة من الشافعية احتمال عدم صحة وقف الكافر؛ اعتبارًا باعتقاده (٦).


(١) انظر: رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي المشهور بابن عابدين، ٤/ ٣٤١، وفتح القدير، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام، ٤/ ٢٠٠ - ٢٠١، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، ٤/ ٧٨، ومغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، محمد الخطيب الشربيني، ٢/ ٣٧٦ - ٣٧٧.
(٢) انظر: بداية المحتاج في شرح المنهاج في الفقه الشافعي، بدر الدِّين أبو الفضل محمد بن أبي بكر بن أحمد الأسَدِيُّ الدِّمَشقيُّ الشافعيُّ المعروف بابن قاضي شُهبَةَ، إدارة الثقافة الإسلامية، الكويت، ط ١، ١٤٣٢ هـ/ ٢٠١١ م، ٤/ ١٢٤.
(٣) سورة الزمر، آية ٣.
(٤) انظر: مهذب الأحكام لعبد الأعلى الموسوي، موسوعة الوقف في الفقه الإسلامي، ٥/ ١٣٥ - ١٣٦.
(٥) انظر: البحر الزخار الجامع لمذاهب الأمصار، أحمد بن يحيى بن المرتضى، دار الكتاب الإسلامي، ٥/ ١٥٠، وشرح الأزهار المنتزع من الغيث المدرار، أبو الحسن عبد الله بن مفتاح، ٣/ ٤٥٩.
(٦) انظر: بداية المحتاج في شرح المنهاج في الفقه الشافعي، بدر الدِّين أبو الفَضلِ محمد بن أبي بكر بن أحمد الأسَدِيُّ الدِّمَشقيُّ الشافعيُّ المعروف بابن قاضي شُهبَةَ، ٤/ ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>