للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو قولٌ للإباضية (١)، وعلّلوا ذلك بأن الشارع أجاز للمريض مرض الموت التبرع بما لا يزيد على ثلث التركة، والوقف من باب التبرعات فيصح، وينفذ دون توقف على إجازة أحد (٢).

ووضّح الشماخي رأي بعض الإباضية وهو جواز وقف المريض إذا كان من ثلث ماله فأقل، فقال: "كل ما أخرجه المريض من مال بغير عوض؛ مثل: هبته، وإباحته، وتبرئته من التباعات التي تكون له على الناس، وما تصدق به إذا مات في مرضه الذي مات فيه، فذلك كله من الثلث بمنزلة الوصية وقياسًا عليها، ويعضد ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: (جعل الله لكم ثلث أموالكم زيادة في أعمالكم)؛ فجائز تصرفه فيما جعله الله له، وهذا لغير الوارث (٣)، وقال: "إن برئ من مرضه فيجوز جميع أفعاله في مرضه، لوارث كان أو لغيره؛ لأن ما كان عندهم ضعيفًا بالمرض كان قويًّا بالصحة" (٤)، وفي التاج: "وهو في المرض من الثلث" (٥)، وجاء في شرح النيل: "فَلَا دليل في كَلام ابنِ عَبَّاسٍ لِلقَولِ بِإبطَالِ الحَبسِ مطلقًا في المرَضِ أو بَعدَ المَوتِ ولَو كان قَولَ أصحَابِنَا، ولَعلَّ وجهَ كَلام أصحَابِنَا أنَّه إذا حَبَسَ شيئًا جَاوَزَ مَنفَعَتُهُ الثُّلثَ إن طَالَ الانتفاع بِهِ فَلَم يَجُز، لَكِنَّ هَذَا يَقتَضِي أن يَمنَعُوهُ وَلَو بَيَّنَ وَجهَ الأَجر" (٦).


(١) انظر: الضياء، سلمة بن مسلم العوتبي الصحاري، ١٩/ ١٠٧.
(٢) انظر: المغني، موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الجماعيلي الدمشقي الصالحي الحنبلي، ٨/ ٢١٠ - ٢١٦، قال الزيلعي في "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلبِي، فخر الدين عثمان بن علي بن محجن البارعي الزيلعي الحنفي، ٣/ ٣٢٥": الوقف لا يجوز عند أبي حنيفة أصلًا، وهو المذكور في الأصل، وقيل: يجوز عنده، إلا أنه لا يلزم، بمنزلة العارية، حتى يرجع فيه أي وقت شاء ويورث عنه إذا مات، وهو الأصح، وعندهما (الصاحبين): يجوز، ويزول ملك الواقف عنه، غير أنه عند أبي يوسف يزول بمجرد القول، وعند محمد لا يزول حتى يجعل للوقف وليًا ويسلم إليه.
(٣) كتاب الإيضاح، عامر بن علي الشماخي، ٤/ ٤٦٤ - ٤٦٥.
(٤) المرجع السابق، ٤/ ٤٦٦.
(٥) التاج المذهب لأحكام المذهب، أحمد بن قاسم العنسي اليماني الصنعاني، ٦/ ١٠٦.
(٦) شرح النيل وشفاء العليل، محمد بن يوسف أطفيش، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١/ ٤٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>