للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمزارع ولا عدمه؛ فقد استظهر ابن عابدين الحنفي أنه لا يحكم بصحة وقفها، لأنه لا يلزم من وقفه لها أنه ملكها، فذكر ابن عابدين أنه: لهذا قال السيد حموي في حاشية الأشباه ما نصه: وقد أفتى العلامة أبو السعود مفتي السلطنة السليمانية بأن أوقاف الملوك والأمراء لا يُراعي شرطها، لأنها من بيت المال أو ترجع إليه، وإذا كان كذلك يجوز الإحداث إذا كان المقرر في الوظيفة أو المرتب من مصاريف بيت المال (١).

والمراد من عدم مراعاة شروط أوقاف الأمراء والملوك؛ أن للإمام أن يزيد فيها وينقص ونحو ذلك، وليس المراد أنه يصرفها عن الجهة المعينة؛ بأن يقطع وظائف العلماء ويصرفها إلى غيرهم، فإن بعض الملوك أراد ذلك ومنعهم علماء عصرهم (٢)، فقد ورد أنه لما أراد السلطان "نظام المملكة برقوق" في عام نيف وثمانين وسبعمائة أن ينقض أوقاف الملوك والأمراء؛ لكونها أُخذت من بيت المال، وعقد لذلك مجلسًا حافلًا حضره الشيخ سراج الدين البلقيني، والبرهان بن جماعة، وشيخ الحنفية الشيخ أكمل الدين شارح الهداية .. فقال البلقيني: ما وُقف على العلماء والطلبة لا سبيل إلى نقضه؛ لأن لهم في الخمس أكثر من ذلك، وما وُقف على فاطمة وخديجة وعائشة يُنقض، ووافقه على ذلك الحاضرون (٣).

وقال ابن عابدين الحنفي في تعليقه على الواقعة: "ففي هذا صريح بأن أوقاف السلاطين من بيت المال إرصادات لا أوقاف حقيقية، وأن ما كان منها على مصاريف بيت المال لا ينقض، بخلاف ما وقفه السلطان على أولاده أو عتقائه مثلًا، وأنه حيث كانت إرصادًا لا يلزم مراعاة شروطها لعدم كونها وقفًا صحيحًا، فإن شرط صحته ملك الواقف، والسلطان بدون الشراء من بيت المال لا يملكه، وقد علمت موافقة العلامة الأكمل على ذلك" (٤).


(١) انظر: رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي المشهور بابن عابدين، ٤/ ١٨٣ - ١٨٤.
(٢) انظر: المرجع السابق، ٤/ ٤٣٧.
(٣) انظر: المرجع السابق، ٤/ ١٨٤.
(٤) المرجع السابق، ٤/ ١٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>