للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عام ٩٩٩ - ١٠٠٣ م، كما أقام فيه الطبيب والفيلسوف اليهودي "موسى بن ميمون" بضع سنوات، ودرس فيه كبار العلماء أمثال: الفقيه المالكي أبو عمران الفاسي، وابن العربي، ودرس فيه ابن خلدون، ولسان الدين بن الخطيب، وغيرهم.

ولم يغفل أهل المغرب الاهتمام بالمدارس ووقف الأوقاف السخية عليها، ففي سنة ٦٣٥ هـ/ ١٢٣٨ م ظهرت أول مدرسة وقفية في المغرب على يد العالم أبو الحسن الشاري (٥٧١ - ٦٤٩ هـ/١١٧٦ - ١٢٥١ م)، عندما بنى من ماله الخاص المدرسة الشارية بسبتة، ووقف عليها من خيار أملاكه وجيد رباعه (١)، وحبس عليها خزانة تشتمل على مصنفات في مختلف العلوم، وتعد أول خزانة وُقفت في المغرب على أهل العلم، وكانت تحوي جناحًا لإيواء الطلبة، وبقعة محبسة على من يموت من طلبتها (٢).

وفي عهد الموحدين كان معظم مباني ومنشآت فاس ملكا لأوقاف القرويين، ويذكر الجزنائي أن غلات أوقاف القرويين على عهد المرينيين ناهزت في بعض الأعوام عشرة آلاف دينار فضة، وقد غدت ميزانية القرويين تنافس ميزانية الدولة، بل إن الدولة استقرضت من خزينته في كثير من الأحيان (٣).

أما مدرسة الصفاريين في فاس فقد وقفها السلطان "أبو يوسف يعقوب" (٦٥١ - ٦٨٥ هـ/ ١٢٥٣ - ١٢٨٦ م) على طلبة العلم في فاس، وأجرى فيها ماء العين، وأسكنها الطلبة والمقرئين، وأجرى عليهم المرتبات، وحبس عليها ١٣ حملًا من الكتب، بعثها له الملك "شانجة القشتالي" إثر الصلح الذي عُقد عام ٦٤٨ هـ/ ١٢٨٥ م (٤).


(١) انظر: الذيل والتكملة، ابن عبد الملك المراكشي، تحقيق: محمد بن شريفة، الدار البيضاء،
١٩٧٣ م، ٥/ ١٩٧.
(٢) انظر: اختصار الأخبار عما كان بسبتة من سني الآثار، محمد بن قاسم الأنصاري السبتي، تحقيق: عبد الوهاب منصور، الرباط، المطبعة الملكية، ١٩٩٦ م، ٢٣ و ٢٩.
(٣) انظر: جني زهرة الآس في بناء مدينة فاس، الجزنائي، ص ١٩٥ - ١٩٦، وجامع القرويين، عبد الهادي التازي، دار الكتاب اللبناني، ٢/ ٤٥٦.
(٤) انظر: روض القرطاس، ابن أبي زرع، ٣٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>