للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك اتجه فقهاء المذهب ليصح الوقف أن يذكر في مصرف الوقف مصرفًا فيه حاجة حقيقة كالفقراء، أو استعمالا بين الناس كاليتامى والزمني لأن الغالب فيهم الفقر، وعند ذاك يصح للأغنياء والفقراء منهم إن كانوا يحصون وإلا فلفقرائهم فقط. وروي عن محمد أن ما لا يحصى عشرة، وعن أبي يوسف مائة، وقيل أربعون، وقيل ثمانون، والفتوى أنه مفوض إلى رأي الحاكم (١). ولذلك أجاز فقهاء المذهب أيضًا الوقف على طلبة العلم لأن الغالب فيهم الفقر (٢)، وكذلك الأمر في الصوفية لأن الفقر فيهم أغلب (وإن كان منهم من لا يصح الوقف عليهم لسوء حالهم ولكونهم من أهل البدع فلا يكون قرية) فلفظ الصوفية إنما يراد به في العادة من كانوا على طريقة مرضية، أما غيرهم فليسوا منهم حقيقة وإن سموا أنفسهم بهذا الاسم، فإذا أطلق الاسم لا يدخلون فيه فيصح الوقف ويستحقه أهل ذلك الاسم حقيقة، وحينئذ تكون علة الصحة غلبة وصف الفقر عليهم (٣).

ومن الأمور التي رأي فقهاء المذهب عدم الوقف عليها ما فيها بدعة مثل: وَقَفَ ضَيْعَةً على من يَقْرَأُ عِنْدَ قَبْرِهِ فَلا يَصِحُّ (٤).

كما لا يصح وقف مسلم أو ذمي على بيعة: أما بالنسبة للمسلم فلعدم كونه قرية في ذاته، وأما بالنسبة للذمي فلعدم كونه قربة عندنا وعنده لكن لو وقف الذمي على بيعة فإذا خربت يكون للفقراء ابتداء، ولو لم يجعل آخره للفقراء كان ميراثا عنه (٥).


(١) انظر: رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي، ٤/ ٣٦٥، والفتاوى الهندية، لجنة علماء برئاسة نظام الدين البلخي، ٢/ ٣٧٠ - ٣٧١ و ٤٦٦ بالنسبة للتساوي بين الفقراء والأغنياء عند ذكر الحاجة.
(٢) انظر: رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي، ٤/ ٣٦٦.
(٣) انظر: رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي، ٤/ ٤٥٦، ٤٥٧، والفتاوي الهندية، لجنة علماء برئاسة نظام الدين البلخي، ٢/ ٣٧١.
(٤) انظر: الفتاوي الهندية، لجنة علماء برئاسة نظام الدين البلخي، ٢/ ٣٧١.
(٥) انظر: رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي، ٤/ ٣٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>