للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدًا منهم أو نقصه مرة أو أدخل أحدًا أو أخرج أحدًا ليس له أن يغيره بعد ذلك، لأن شرطه وقع على فعل يراه فإذا رآه وأمضاه فقد انتهى ما رآه، وإذا أراد أن يكون ذلك له دائمًا ما دام حيًا يقول: على أن لفلان بن فلان أن يزيد في مرتب من يرى زيادته، وأن ينقص من مرتب من يري نقصانه، وأن ينقص من زاده، ويزيد من نقصه منهم، وأن يدخل معهم من يرى إدخاله ويخرج منهم من يرى إخراجه متى أراد، مرة بعد أخرى رأيًا بعد رأي ومشيئة بعد مشيئة، ما دام حيًا، ثم إذا أحدث فيه شيئًا مما شرطه لنفسه أو مات قبل ذلك يستقر أمر الوقف على الحالة التي كان عليها يوم موته، وليس لمن يلي عليه بعده شيء من ذلك، إلّا أن يشترطه له في أصل الوقف ... ولو قال الواقف: على أن لي أن أحرم وأخرج من شئت منهم، ثم مات قبل ذلك تكون الغلة بينهم جميعًا، وأن أخرج واحدًا منهم أو أخرجهم إلّا واحدًا منهم مطلقًا أو مدة معلومة؛ صحَّ، وليس له حرمان الجميع قياسًا، وإذا مات من بقي منهم أو أخرجهم كلهم بناء على الاستحسان تكون الغلة للمساكين، وليس له أن يعيدها إليهم؛ لأنه لما حرمهم غلّتها أبدًا، فقد خرجت من أن تكون لهم، وانقطعت مشيئته فيها وصارت للمساكين (١).

وأما المالكية، والشافعية فلم يجيزوا شرطي الإدخال والإخراج على هذا المعنى الذي ذكره الحنفية؛ لأنهما يدخلان في الشروط التي تنافي مقتضى الوقف، وحينئذ تفسده (٢)، إضافة إلى وجود غرر فاحش فيه، هذا لكنهم أجازوا شرطي الإدخال والإخراج على معنى تعليق الاستحقاق أو عدمه على صفة معينة، فيكون المراد بالإدخال عندهم هو أن يشترط الواقف استحقاق بعض الموقوف عليهم للغلة أو الريع إذا توافرت صفة معينة مثل العلم، أو القرابة، أو نحو ذلك.


(١) انظر: الإسعاف في أحكام الوقف، الطرابلسي، ٣٤ - ٣٥ و ١٢٧.
(٢) انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، ٤/ ٩٧، والذخيرة، القرافي، ٦/ ٣٢٩، والمهذب في فقة الإمام الشافعي، أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي، دار الكتب العلمية، القاهرة، ١/ ٤٥٠، والمغني، ابن قدامة، ٥/ ٦١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>