للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو شرط مقبول عند جمهور الفقهاء على أن لا يكون الإعطاء مخالفًا للشروط الشرعية، يقول الشيرازي من الشافعية: "وتصرف الغلة على شرط الواقف من الأثرة، والتسوية، والتفضيل ... وإدخال من شاء بصفة، وإخراجه بصفة (١).

وعند المالكية لا يجوز منح البنين دون البنات، فإن فعل ذلك، بطل الوقف على البنين دون البنات؛ لقول مالك: إنه من عمل الجاهلية أي: يشبه عملهم؛ لأن الوقف خاص بالإسلام؛ لأن الجاهلية كانوا إذا حضر أحدهم الموت ورثوا الذكور دون الإناث فصار فيه حرمان الإناث دون الذكور فالوقف على الذكور دون الإناث يشبه عمل الجاهلية (٢).

ورجح بعضهم الكراهة، فيمضي وهو رأي ابن القاسم وعليه العمل وصرح الشيخ أبو الحسن بأن الكراهة في المدونة على التنزيه (٣).

لكنهم أجازوا منح الفقراء ولو أدى إلى حرمان الأغنياء في السكنى والغلة، قال ابن رشد: "المبدأ في الحبس أهل الحاجة على الأغنياء في السكنى والغلة، فلا سكني للأغنياء معهم إلا أن يفضل عنهم شيء" (٤).

وفرق فقهاء الزيدية بين ما الغلة فيه عن حق واجب، فيجوز فيه المنح والحرمان، ولا يجوز في غيره على الراجح.

فللواقف - لا غيره من أهل الولايات - نقل المصرف فيما هو عن حق، نحو أن يقف رجل أرضًا ويستثني غلتها عن حق واجب، وتكون مصروفة إلى شخص معين، وإلى مسجد معين، فله بعد ذلك أن ينقله إلى مصرف آخر؛ لأن الغلة باقية على ملك الواقف، له أن ينتفع بها، ويخرج غيرها عن الواجب.


(١) المهذب في فقه الإمام الشافعي، الشيرازي، ١/ ٤٤٣ - ٤٤٤.
(٢) انظر: شرح مختصر خليل، الخرشي، ٧/ ٨٢.
(٣) انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، ٤/ ٧٩.
(٤) الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، أحمد بن غانم (أو غنيم) بن سالم ابن مهنا، شهاب الدين النفراوي الأزهري المالكي، دار الفكر، بيروت، ١٩٩٥ م، ٢/ ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>